ننتظر تسجيلك هـنـا


{ اعلانات سكون القمر ) ~
  <
 
بأيدينا نعلوا بمنتدانا وبمشاركاتكم وكلماتكم نرتقي فلا تقرأ وتمضي ..... الى من يواجه اي مشكلة للدخول وعدم استجابة الباسورد ان يطرح مشكلته في قسم مشاكل الزوار او التواصل مع الاخ نهيان عبر التويتر كلمة الإدارة


العودة   منتديات سكون القمر > ۩۞۩{ نفحات سكون القمر الإسلامية }۩۞۩ > ۩۞۩{ الشريعة الإسلامية والحياة }۩۞۩

۩۞۩{ الشريعة الإسلامية والحياة }۩۞۩ |!.. غيمة الرُوُح ْ فِي رِِحَابِ الإيمَانْ " مَذْهَبْ أهْلُ السُنَةِ وَالجَمَاعَة ",,

-==(( الأفضل خلال اليوم ))==-
أفضل مشارك : أفضل كاتب :
بيانات نهيان
اللقب
المشاركات 172808
النقاط 6618152
بيانات نهيان
اللقب
المشاركات 172808
النقاط 6618152


التعريف بسور القرآن الكريم وأسباب النزول ومحاور ومقاصد السور

|!.. غيمة الرُوُح ْ فِي رِِحَابِ الإيمَانْ " مَذْهَبْ أهْلُ السُنَةِ وَالجَمَاعَة ",,


إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 03-15-2021, 08:34 PM   #251


مديح ال قطب غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1751
 تاريخ التسجيل :  06-03-2020
 أخر زيارة : 08-13-2021 (12:56 PM)
 المشاركات : 34,369 [ + ]
 التقييم :  22241
 الدولهـ
Egypt
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Coral
افتراضي















تابع – سورة المدثر
محاور مواضيع السورة :
«حَتَّى أَتانَا الْيَقِينُ» .. الموت الذي يقطع كل شك وينهي كل ريب ، ويفصل في الأمر بلا مرد .. ولا يترك مجالا لندم ولا توبة ولا عمل صالح .. بعد اليقين ..
ويعقب السياق على الموقف السيئ المهين ، بقطع كل أمل في تعديل هذا المصير :
«فَما تَنْفَعُهُمْ شَفاعَةُ الشَّافِعِينَ» ..
فقد قضي الأمر ، وحق القول ، وتقرر المصير ، الذي يليق بالمجرمين المعترفين! وليس هنالك من يشفع للمجرمين أصلا. وحتى على فرض ما لا وجود له فما تنفعهم شفاعة الشافعين! وأمام هذا الموقف المهين الميئوس منه في الآخرة ، يردهم إلى موقفهم في الفرصة المتاحة لهم في الأرض قبل مواجهة ذلك الموقف وهم يصدون عنها ويعرضون ، بل يفرون من الهدى والخير ووسائل النجاة المعروضة عليهم فيها ، ويرسم لهم صورة مضحكة تثير السخرية والعجب من أمرهم الغريب :
«فَما لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ؟ كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ ، فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ؟» ..
ومشهد حمر الوحش وهي مستنفرة تفر في كل اتجاه ، حين تسمع زئير الأسد وتخشاه .. مشهد يعرفه العرب.
وهو مشهد عنيف الحركة. مضحك أشد الضحك حين يشبه به الآدميون! حين يخافون! فكيف إذا كانوا إنما ينفرون هذا النفار الذي يتحولون به من آدميين إلى حمر ، لا لأنهم خائفون مهددون بل لأن مذكرا يذكرهم بربهم وبمصيرهم ، ويمهد لهم الفرصة ليتقوا ذلك الموقف الزري المهين ، وذلك المصير العصيب الأليم؟! إنها الريشة المبدعة ترسم هذا المشهد وتسجله في صلب الكون ، تتملاه النفوس ، فتخجل وتستنكف أن تكون فيه ، ويروح النافرون المعرضون أنفسهم يتوارون من الخجل ، ويطامنون من الإعراض والنفار ، مخافة هذا التصوير الحي العنيف! تلك هيئتهم الخارجية.




«حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ ، فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ» ثم لا يدعهم حتى يرسم نفوسهم من الداخل ، وما يعتلج فيها من المشاعر :
«بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُؤْتى صُحُفاً مُنَشَّرَةً» ..
فهو الحسد للنبي - صلى اللّه عليه وسلم - أن يختاره اللّه ويوحي إليه والرغبة الملحة أن ينال كل منهم هذه المنزلة ، وأن يؤتى صحفا تنشر على الناس وتعلن .. ولا بد أن الإشارة هنا كانت بصدد الكبراء الذين شق عليهم أن يتخطاهم الوحي إلى محمد بن عبد اللّه ، فقالوا : «لَوْلا نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ عَلى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ؟» .. ولقد علم اللّه أين يضع رسالته واختار لها ذلك الإنسان الكريم الكبير العظيم. فكان الحنق الذي يغلي في الصدور ، والذي يكشف عنه القرآن ، وهو يعلل ذلك الشماس والنفار! ثم يستمر في رسم صورة النفوس من داخلها ، فيضرب عما ذكره من ذلك الطمع والحسد ، ويذكر سببا آخر للإعراض والجحود. وهو يردع في نفوسهم ذلك الطمع الذي لا يستند إلى سبب من صلاح ولا من استعداد لتلقي وحي اللّه وفضله :
«كَلَّا! بَلْ لا يَخافُونَ الْآخِرَةَ» ..
وعدم خوفهم من الآخرة هو الذي ينأى بهم عن التذكرة ، وينفرهم من الدعوة هذه النفرة. ولو استشعرت قلوبهم حقيقة الآخرة لكان لهم شأن غير هذا الشأن المريب! ثم يردعهم مرة أخرى ، وهو يلقي إليهم بالكلمة الأخيرة ، ويدعهم لما يختارون لأنفسهم من طريق ومصير :
«كَلَّا! إِنَّهُ تَذْكِرَةٌ. فَمَنْ شاءَ ذَكَرَهُ» ..
إنه ، هذا القرآن الذي يعرضون عن سماعه ، وينفرون كالحمر ، وهم يضمرون في أنفسهم الحسد لمحمد ، والاستهتار بالآخرة .. إنه تذكرة تنبه وتذكر. فمن شاء فليذكر. ومن لم يشأ فهو وشأنه ، وهو ومصيره ، وهو وما يختار من جنة وكرامة ، أو من سقر ومهانة ..


وبعد أن يثبت مشيئتهم في اختيار الطريق يعقب بطلاقة المشيئة الإلهية ، وعودة الأمور إليها في النهاية.
وهي الحقيقة التي يحرص القرآن على تقريرها في كل مناسبة لتصحيح التصور الإيماني من ناحية طلاقة المشيئة الإلهية وشمولها الكامل الأخير ، وراء جميع الأحداث والأمور :
«وَما يَذْكُرُونَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ ، هُوَ أَهْلُ التَّقْوى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ» ..
فكل ما يقع في هذا الوجود ، مشدود إلى المشيئة الكبرى ، يمضي في اتجاهها وفي داخل مجالها. فلا يقع أن يشاء أحد من خلقه ما يتعارض مع مشيئته ، ومشيئته تسيطر على أقدار الوجود كله ، وهي التي أنشأته وأنشأت نواميسه وسننه ، فهو يمضي بكل ما فيه وكل من فيه في اطار من تلك المشيئة المطلقة من كل اطار ومن كل حد ومن كل قيد.
والذكر توفيق من اللّه ييسره لمن يعلم من حقيقة نفسه أنه يستحق التوفيق. والقلوب بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء. فإذا علم من العبد صدق النية وجهه إلى الطاعات.
والعبد لا يعرف ماذا يشاء اللّه به. فهذا من الغيب المحجوب عنه. ولكنه يعرف ماذا يريد اللّه منه ، فهذا مما بينه له. فإذا صدقت نيته في النهوض بما كلف أعانه اللّه ووجهه وفق مشيئته الطليقة.
( يتبع )



مديح




 

رد مع اقتباس
قديم 03-15-2021, 08:35 PM   #252


مديح ال قطب غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1751
 تاريخ التسجيل :  06-03-2020
 أخر زيارة : 08-13-2021 (12:56 PM)
 المشاركات : 34,369 [ + ]
 التقييم :  22241
 الدولهـ
Egypt
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Coral
افتراضي












تابع – سورة المدثر
محاور مواضيع السورة :
والذي يريد القرآن أن يطبعه في حس المسلم هو طلاقة هذه المشيئة ، وإحاطتها بكل مشيئة ، حتى يكون التوجه إليها من العبد خالصا ، والاستسلام لها ممحضا .. فهذه هي حقيقة الإسلام القلبية التي لا يستقر في قلب بدونها. وإذا استقرت فيه كيفته تكييفيا خاصا من داخله ، وأنشأت فيه تصورا خاصا يحتكم إليه في كل أحداث الحياة .. وهذا هو المقصود ابتداء من تقرير طلاقة المشيئة الإلهية وشمولها عقب الحديث عن كل وعد بجنة أو نار ، وبهدى أو ضلال.
فأما أخذ هذا الإطلاق ، والانحراف به إلى جدل حول الجبر والاختيار ، فهو اقتطاع لجانب من تصور كلي وحقيقة مطلقة ، والتحيز بها في درب ضيق مغلق لا ينتهي إلى قول مريح. لأنها لم تجئ في السياق القرآني لمثل هذا التحيز في الدرب الضيق المغلق! «وَما يَذْكُرُونَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ» .. فهم لا يصادمون بمشيئتهم مشيئة اللّه ، ولا يتحركون في اتجاه ، إلا بإرادة من اللّه ، تقدرهم على الحركة والاتجاه.
واللّه «هُوَ أَهْلُ التَّقْوى » .. يستحقها من عباده. فهم مطالبون بها ..
«وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ» .. يتفضل بها على عباده وفق مشيئته.
والتقوى تستأهل المغفرة ، واللّه - سبحانه - أهل لهما جميعا.
بهذه التسبيحة الخاشعة تختم السورة ، وفي النفس منها تطلع إلى وجه اللّه الكريم ، أن يشاء بالتوفيق إلى الذكر ، والتوجيه إلى التقوى ، والتفضل بالمغفرة.
«هُوَ أَهْلُ التَّقْوى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ» .قال الصابوني:
* سورة المدثر مكية، شأنها كسابقتها- سورة المزمل- تتحدث عن بعض جوانب شخصية الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم، ولهذا سميت سورة المدثر.
* ابتدأت السورة الكريمة بتكليف الرسول بالنهوض بأعباء الدعوة، والقيام بمهمة التبليغ بجد ونشاط، وإنذار الكفار، والصبر إلى أذى الفجار، حتى يحكم الله بينه وبين أعدائه {يا أيها المدثر قم فأنذر وربك فكبر وثيابك فطهر والرجز فاهجر ولا تمنن تستكثر ولربك فاصبر}.
* ثم توالت السورة تنذر وتهدد أولئك المجرمين، بيوم عصيب شديد، لا راحة لهم فيه، لما فيه من الأهوال والشدائد {فإذا نقر في الناقور فذلك يومئذ يوم عسير على الكافرين غير يسير} الآيات.
* وبعد ذلك البيان الذي يرتعد له الإنسان، تحدثت السورة عن قصة ذلك الشقى الفاجر (الوليد بن المغيرة) الذي سمع القرآن، وعرف أنه كلام الرحمن، ولكنه في سبيل الزعامة وحب الرئاسة، زعم أنه من قبيل السحر الذي تعارفه البشر {ذرني ومن خلقت وحيدا وجعلت له مالا ممدودا وبنين شهودا ومهدت له تمهيدا ثم يطمع أن أزيد كلا أنه كان لآياتنا عنيدا سأرهقه صعودا إنه فكر وقدر فقتل كيف قدر}. الآيات إلى قوله تعالى: {سأصليه سقر}.
* ثم تحدثت السورة عن النار التي أوعد الله بها الكفار، وعن خزنتها الأشداء، وزبانيتها الذين كلفوا بتعذيب أهلها، وعددهم، والحكمة من تخصيص ذلك العدد {وما أدراك ما سقر لا تبقى ولا تذر لواحة للبشر عليها تسعة عشر وما جعلنا أصحاب النار إلا ملائكة وما جعلنا عدتهم إلا فتنة للذين كفروا}. الآيات.
* وأقسمت السورة بالقمر وضيائه، والصبح وبهائه، على أن جهنم إحدى البلايا العظام {كلا والقمر والليل إذ أدبر والصبح إذا أسفر إنها لإحدى الكبر نذيرا للبشر لمن شاء منكم أن يتقدم أو يتأخر}.
* ثم تحدثت السورة عن الحوار الذي يجري بين المؤمنين والمجرمين، وبينت سبب دخولهم الجحيم {إلا أصحاب اليمين في جنات يتساءلون عن المجرمين ما سلككم في سقر قالوا لم نك من المصلين ولم نك نطعم المسكين وكنا نخوض مع الخائضين} الآيات.
* وختمت السورة ببيان سبب إعراض المشركين عن الإيمان، ألا وهو إنكارهم للقيامة، وللبعث والنشور {كلا بل لا يخافون الآخرة كلا إنه تذكرة فمن شاء ذكره وما يذكرون إلا أن يشاء الله هو أهل التقوى وأهل المغفرة}.
( يتبع )

.
قال محمد الغزالي:
الظاهر أن سورة المدثر نزلت قبل سورة المزمل، وقيل هي أول ما نزل من القرآن الكريم، وهذا غير صحيح، فهى أول ما نزل بعد انقطاع الوحى وتشوق الرسول إلى استقباله. وفى الآيات الأولى معالم للسيرة التي يستحبها الله من نبيه {يا أيها المدثر قم فأنذر}. أي خوف المشركين عقبى بقائهم على وثنيتهم. {وربك فكبر}. انسب إلى ذات الله كل مجد وجلال وسناء. وتكبير الله يفتتح به الأذان وسائر الصلوات ومعارك الجهاد، وهو شعار الإسلام. {وثيابك فطهر} المقصود الجسم والثياب معا، فالنظافة خلق الإسلام {والرجز فاهجر} تجنب القبائح كلها. {ولا تمنن تستكثر} أعط ولا تمن واقصد وجه ربك. {ولربك فاصبر} تحمل في ذات الله ما يصيبك! وبعد أن خوف المشركين بيوم الحساب، ذكر أحد كبرائهم الذين يقأومون الدعوة ويصفون الوحى بأنه سحر، وكان رجلا واسع الجاه والمال يلقب بالوحيد لمكانته المادية والأدبية. {ذرني ومن خلقت وحيدا وجعلت له مالا ممدودا وبنين شهودا}. وتحقير هذا الرئيس يتنأول قن وراءه كلهم {سأصليه سقر وما أدراك ما سقر لا تبقي ولا تذر لواحة للبشر عليها تسعة عشر}. وهذا العدد إحصاء لملائكة العذاب المكلفين بتأديب الطغاة والضلال والفراعنة. ثم عاد النظم الكريم إلى أبرز ما في الحياة الدنيا، يذكر الليل وإدباره والصبح وإسفاره واختبار البشر بشتى التكاليف ليميز الخبيث من الطيب، فقال: {كلا والقمر والليل إذ أدبر والصبح إذا أسفر إنها لإحدى الكبر نذيرا للبشر لمن شاء منكم أن يتقدم أو يتأخر} والتقدم والتأخر مربوطان بالنشاط والعجز، وليست حظوظا عمياء، ولذلك قال بعدئذ:
{كل نفس بما كسبت رهينة إلا أصحاب اليمين في جنات يتساءلون عن المجرمين ما سلككم في سقر قالوا لم نك من المصلين ولم نك نطعم المسكين}. أي أنكم حصدتم ما زرعتم والخطوات المعوجة لا توصل إلى ختام مستقيم {فما تنفعهم شفاعة الشافعين}. لكن لماذا لجأ المشركون إلى هذه المقأومة العنيدة؟ ونفروا من الإسلام هذا النفور البالغ؟ إنه الكبر! إن كل واحد منهم يريد أن ينزل إليه ملك يقول له أنا رسول الله إلى فلان ابن فلان كى يؤمن ويعرف خالقه! أما أن يختار الوحى محمدا يخصه بالرسالة فهذا مرفوض! {فما لهم عن التذكرة معرضين كأنهم حمر مستنفرة فرت من قسورة بل يريد كل امرئ منهم أن يؤتى صحفا منشرة}!! ولا يزال إحساس الناس بأنفسهم سببا في غمط الحق وكراهية أهله! ماذا يفعل الأنبياء عند ذلك؟ حسبهم أن يذكروا بالله وآياته ونعمائه وحقوقه، فمن اهتدى نجا ومن غدر هلك {كلا إنه تذكرة فمن شاء ذكره}. ولا يعين الله إلا من أعان نفسه.
( يتبع )





مديح


 

رد مع اقتباس
قديم 03-15-2021, 08:35 PM   #253


مديح ال قطب غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1751
 تاريخ التسجيل :  06-03-2020
 أخر زيارة : 08-13-2021 (12:56 PM)
 المشاركات : 34,369 [ + ]
 التقييم :  22241
 الدولهـ
Egypt
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Coral
افتراضي













تابع – سورة المدثر
الأحاديث الواردة في السورة الكريمة:
قال الزيلعي:
سورة المدثر صلى الله عليه وسلم ذكر فِيها ثمانِية أحادِيث:
الحديث الأول:
قال النّبِي صلى الله عليه وسلم: «الْأنْصار شعار والنّاس دثار».
قلت تقدم فِي الْأرْبعين من سُورة آل عمران.
الحديث الثّانِي:
روى جابر عن النّبِي صلى الله عليه وسلم قال «كنت على جبل حراء فنوديت يا مُحمّد إِنّك رسُول الله فنظرت عن يمِيني ويساري فلم أر شيْئا فنظرت فوقِي فرأيْت شيْئا- وفِي رِواية عائِشة فنظرت فوقِي فإِذا بِهِ- قاعِدا على عرش بين السّماء والْأرْض يعْنِي الْملك الّذِي ناداه فرُعِبْت ورجعت إِلى خدِيجة فقلت دثرُونِي دثرُونِي فنزل جِبْرِيل عليه السلام وقال يا أيها المدثر».
قلت رواهُ البُخارِيّ فِي صحِيحه من حديث أبي سلمة عن جابر عن النّبِي صلى الله عليه وسلم قال «جأورت بحراء فلمّا قضيت بِجوارِي هبطت فنوديت فنظرت عن يمِيني فلم أر شيْئا ونظرت عن شمالي فلم أر شيْئا ونظرت أمامِي فلم أر شيْئا ونظرت خلْفي فلم أر شيْئا فرفعت رأْسِي فرأيْت شيْئا فأتيت خدِيجة فقلت دثرُونِي وصبُّوا علّي ماء بارِدا فنزلت» انتهى.
ورواهُ فِي بدْء الْخلق وزاد قال أبو سلمة والرجز الْأوثان انتهى.
ورواهُ فِي أول صحِيحه بالسند الْمذْكُور قال «بيْنما أنا أمْشِي إِذْ سمِعت صوتا من السّماء فرفعت بصرِي فإِذا الْملك الّذِي جاءنِي بحراء جالس على كرْسِي بين السّماء والْأرْض فرُعِبْت مِنْهُ فرجعت فقلت دثرُونِي فأنزل الله: {يأيها المدثر}» مُخْتصر.
الحديث الثّالِث:
عن الزُّهْرِيّ أول ما نزلت سُورة {اقرأ باسم ربك} إِلى قوله: {ما لم يعلم} قال فحزن رسُول الله صلى الله عليه وسلم وجعل يعْلو شواهِق الْجبال فناداه جِبْرِيل عليه السلام إِنّك نبِي الله فرجع إِلى خدِيجة وقال «دثرُونِي وصبُّوا علّي ماء بارِدا» فنزلت {يأيها المدثر}.
قلت رواهُ الطّبرِيّ فِي تفْسِيره حدثنا يُونُس بن عبد الْأعْلى ثنا ابْن ثوْر عن معمر عن الزُّهْرِيّ قال «كان أول شيْء انْزِلْ على النّبِي صلى الله عليه وسلم {اقرأ باسم ربك} حتّى بلغ {ما لم يعلم} ثمّ فتر الوحْي فتْرة فحزن لذلِك صلى الله عليه وسلم وجعل يغْدُو إِلى شواهِق الْجبال لِيتردّى مِنْها فكلما وافى بِذرْوةِ جبل تبدى لهُ جِبْرِيل عليه السلام فيقول لهُ إِنّك نبِي الله قال فبيْنما أنا أمْشِي يوْما إِذْ رأيْت الْملك الّذِي كان يأتيني بحراء على كرْسِي بين السّماء والْأرْض فجثتْ مِنْهُ رعْبا ورجعت إِلى خدِيجة وقلت دثرُونِي فدثّرْناهُ وأنزل الله: {يأيها المدثر}» انتهى.
وفِي مُسْتدْرك الْحاكِم من طرِيق مُحمّد بن إِسْحاق عن الزُّهْرِيّ عن عُرْوة عن عائِشة قالت «إِن أول ما نزل من القرآن {اقرأ باسم ربك الّذِي خلق}»


الأحاديث الواردة في السورة الكريمة:
لا يُعارض ما مضى ما رواهُ مُسلم فِي صحِيحه من حديث أبي سلمة بن عبد الرّحْمن قال سألت جابر بن عبد الله الْأنْصارِيّ أي القرآن انْزِلْ قبل قال: {يا أيها المدثر} فقلت أو{اقرأ باسم ربك} قال جابر أحدثكُم ما حدثنا رسُول الله صلى الله عليه وسلم قال «إِنِّي جأورت بحراء شهرا فلمّا قضيت جواري نزلت فاسْتبْطنْت بطن الوادي فنوديت فنظرت أمامِي وخلْفِي وعن يمِيني وعن شمالي ثمّ نظرت إِلى السّماء فإِذا هو على الْعرْش فِي الْهواء يعْنِي جِبْرِيل فأخذتْنِي رجْفة فأتيت خدِيجة فأمرتهمْ فدثّرُونِي ثمّ صبوا علّي الماء وأنزل الله علّي {يأيها المدثر قُم فأنْذر}» انتهى.
قال الواحدي فِي أسباب النُّزُول وذلِك لان جابِرا سمع آخر الْقِصّة ولم يسمع أولها فتوهم أن سُورة المدثر أول ما نزل وليْس كذلِك ولكنها أول ما نزل عليْهِ بعد سُورة اقرأ يدل عليْهِ ما رواهُ البُخارِيّ ومُسلم من طرِيق عبد الرّزّاق أنا معمر عن الزُّهْرِيّ أخْبرنِي أبو سلمة بن عبد الرّحْمن عن جابر قال سمِعت رسُول الله صلى الله عليه وسلم وهو يحدث عن فتْرة الوحْي فقال فِي حديثه «بيْنما أنا أمْشِي إِذْ سمِعت صوتا من السّماء فرفعت رأْسِي فإِذا الْملك الّذِي جاءنِي بحراء جالس على كرْسِي بين السّماء والْأرْض فجثتْ مِنْهُ رعْبا فرجعت فقلت زمِّلونِي فدثّرُونِي فأنْزل الله تعالى: {يأيها المدثر}» انتهى.
قال فظهر بِهذا أن الوحْي كان قد فتر بعد نزُول {اقرأ باسم ربك} ثمّ نزلت {يأيها المدثر} يُوضحهُ قوله فِيهِ إِن الْملك الّذِي جاء بحراء جالس فدلّ على أن هذِه الْقِصّة كانت بعد نزُول سُورة اقرأ.انتهى.
قوله:
فِي الحديث «المستغزر يُثاب من هِبته».
قلت تقدم فِي الرّوم رواهُ ابْن أبي شيبة من قول شُريْح.


الأحاديث الواردة في السورة الكريمة:
الحديث الرّابِع:
عن النّبِي صلى الله عليه وسلم فِي قوله تعالى: {سأُرْهِقُهُ صعُودا} قال «يُكلف أن يصعد عقبة فِي النّار كلما وضع عليْها يده ذابتْ فإِذا رفعها عادتْ وإِذا وضع رجله ذابتْ فإِذا رفعها عادتْ».
قلت رواهُ الْبزّار فِي مُسْنده والْبيْهقِيّ فِي كتاب الْبعْث والنشور والطّبرانِيّ فِي مُعْجمه الوسط من حديث منْجاب بن الْحارِث ثنا شريك عن عمار الذّهبِيّ عن عطِيّة عن أبي سعيد الْخُدْرِيّ عن النّبِي صلى الله عليه وسلم «فِي قوله تعالى: {سأُرْهِقُهُ صعُودا} قال جبل من نار يُقال لهُ صعُود يُكلف أن يصْعدهُ إِذا وضع يده عليْهِ ذابتْ...» إِلى آخِره.
وكذلِك رواهُ الطّبرِيّ والثعلبي ثمّ الْبغوِيّ وابْن مرْدويْه والواحدي وابْن أبي حاتِم فِي تفاسيرهم ثمّ رواهُ الْبيْهقِيّ من حديث سُفْيان بن عُييْنة عن سُفْيان ابْن عُييْنة عن عمار الذّهبِيّ بِهِ موْقُوفا.
وكذلِك رواهُ عبد الرّزّاق فِي تفْسِيره وابْن الْمُبارك فِي كتاب الزّهْد قالا أنا ابْن عُييْنة بِهِ موْقُوفا.
وكذلِك رواهُ الْبزّار موْقُوفا ثمّ قال ولا نعلم رفعه عن عمار إِلّا شريك.
وكذلِك قال الطّبرانِيّ وزاد ورواهُ ابْن عُييْنة عن عمار فوقفهُ.
الحديث الْخامِس:
وعن النّبِي صلى الله عليه وسلم قال «الصعُود جبل من نار يصعد فِيهِ سبعين خرِيفا ثمّ يهوي فِيهِ كذلِك أبدا».
قلت رواهُ التِّرْمِذِيّ فِي كِتابه فِي التّفْسِير وفِي صفة جهنّم من طرِيق ابْن لهِيعة عن دراج عن أبي الْهيْثم عن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قال قال رسُول الله صلى الله عليه وسلم «الصعُود جبل من نار يتصعّد فِيهِ سبعين خرِيفا ثمّ يهوي بِهِ كذلِك أبدا» انتهى.
وقال حديث غرِيب إِنّما نعرفه مرفوعا من حديث ابْن لهِيعة وقد رُوِي عن عطِيّة عن أبي سعيد موْقُوفا انتهى.
قلت رواهُ الْحاكِم فِي الْمُسْتدْرك من طرِيق عبد الله بن وهب عن عمرو ابْن الْحارِث عن دراج بِهِ مرفوعا وقال صحِيح الْإِسْناد ولم يخرجاهُ.
وبِهذا السّند رواهُ الطّبرِيّ فِي تفْسِيره وعن الْحاكِم رواهُ الْبيْهقِيّ فِي الْبعْث والنشور.
ورواهُ ابْن مرْدويْه فِي تفْسِيره من حديث رشدين بن سعد عن عمرو بن الْحارِث بِهِ مرفوعا.
( يتبع )





مديح


 

رد مع اقتباس
قديم 03-15-2021, 08:36 PM   #254


مديح ال قطب غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1751
 تاريخ التسجيل :  06-03-2020
 أخر زيارة : 08-13-2021 (12:56 PM)
 المشاركات : 34,369 [ + ]
 التقييم :  22241
 الدولهـ
Egypt
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Coral
افتراضي







.



.

.

[/ce





الأحاديث الواردة في السورة الكريمة:
الحديث الثّامِن:
عن رسُول الله صلى الله عليه وسلم «من قرأ سُورة المدثر أعطاهُ الله عشر حسنات بِعدد من صدق مُحمّدا وكذب بِهِ بِمكّة»
قلت رواهُ الثّعْلبِيّ من حديث سلام بن سليم ثنا هارُون بن كثير عن زيد ابْن اسْلمْ عن أبِيه عن أبي أُمامة عن أبي بن كعْب قال قال رسُول الله صلى الله عليه وسلم «من قرأ سُورة المدثر...» إِلى آخِره.
ورواهُ ابْن مرْدويْه فِي تفْسِيره بسنديه فِي آل عمران ولفظ المُصنّف سواء، ورواهُ الواحدي فِي الوسِيط بِسندِهِ فِي يُونُس ولفظ المُصنّف سواء.


فضل السورة
فيه الحديث الضعيف عن أُبي: «منْ قرأها أُعطِي من الأجر عشر حسنات، بعدد من صدّق بمحمّدٍ، وكذّب به بمكّة».
وحديث علي: «يا علي منْ قرأها أعطاه الله ثواب المتحابّين في الله، وله بكلّ آية قرأها مائةُ شفاعة».

( يتبع – سورة القيامة )




ll]


.

.




 

رد مع اقتباس
قديم 03-15-2021, 08:37 PM   #255


مديح ال قطب غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1751
 تاريخ التسجيل :  06-03-2020
 أخر زيارة : 08-13-2021 (12:56 PM)
 المشاركات : 34,369 [ + ]
 التقييم :  22241
 الدولهـ
Egypt
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Coral
افتراضي








.



.

.

[/ce








سورة القيامة

التعريف بالسورة :
مكية .
من المفصل .
آياتها 40 .
ترتيبها الخامسة والسبعون .
نزلت بعد القارعة .
بدأت باسلوب قسم " لا أقسم بيوم القيامة " والقيامة هو اسم من أسماء الآخرة لم يذكر لفظ الجلالة في السورة بها سكته عند قوله تعالى ( وَقِيلَ مَن* رَاق ) .

سبب التسمية :
سُميت ‏بهذا ‏الاسم ‏لأنها ‏ذكرت ‏بوجه ‏خاص ‏القيامة ‏وأهوالها ‏‏، ‏والساعة ‏وشدائدها ‏‏، ‏وعن ‏حالة ‏الإنسان ‏عند ‏الاحتضار ‏وما ‏يلقاه ‏الكافر ‏في ‏الآخرة ‏من ‏المصاعب ‏والمتاعب ‏‏. ‏ وسُميت ‏أيضا ‏‏" ‏ لا ‏أقسم ‏‎" ‎‏.

سبب نزول السورة :
1) قال تعالى " أيحسب الإنسان أن لن نجمع عظامه " نزلت في عمر ابن ربيعة وذلك أنه أتى النبي فقال حدثني عن يوم القيامة متى يكون وكيف أمرها وحالها فأخبره النبي بذلك فقال لو عاينت ذلك اليوم لم أصدقك يا محمد ولم أؤمن به أو يجمع الله هذه العظام فأنزل الله تعالى هذه الآية .

2) قال تعالى " لا تحرك به لسانك " عن ابن عباس قال كان النبي إذا نزل عليه الوحي حرّك به لسانه وصف سفيان يريد أن يحفظه فأنزل الله لا تحرك به لسانك لتعجل به ( البخاري).

محور مواضيع السورة :

تعالج السورة موضوع " البعث والجزاء " الذي هو أحد أركان الإيمان ، وتركز بوجه خاص على القيامة وأهوالها ، والساعة وشدائدها ، وعن حالة الإنسان عند الاحتضار ـ وما يلقاه الكافر في الآخرة من المصاعب والمتاعب ، ولذلك سميت سورة " القيامة " .
ومقصود السورة بيان هوْل القيامة، وهيبتها، وبيان إِثبات البعث، وتأُثير القيامة في أعيان العالم، وبيان جزاء الأعمال، وآداب سماع الوحْى، والوعد باللِّقاءِ والرّؤية، والخبر عن حال السّكرة، والرّجوع إِلى بيان برهان القيامة، وتقرير القُدْرة على بعث الأموات في قوله: {أليْس ذلِك بِقادِرٍ على أن يُحْيِي الْموْتى}.

قال ابن عاشور:
عُنونت هذه السورة في المصاحف وكتب التفسير وكتب السنة ب (سورة القيامة) لوقوع القسم بيوم القيامة في أولها ولم يقسم به فيما نزل قبلها من السور.
وقال الألوسي: يقال لها (سورة لا أقسم)، ولم يذكرها صاحب (الإِتقان) في عداد السور ذات أكثر من اسم.
وهي مكية بالاتفاق.
وعدّت الحادية والثلاثين في عداد نزول سور القرآن.
نزلت بعد سورة القارعة وقبل سورة الهُمزة.
وعدد آيها عند أهل العدد من معظم الأمصار تسعا وثلاثين آية، وعدّها أهل الكوفة أربعين.



أغراض السورة :
اشتملت على إِثباتتِ البعث.
والتذكير بيوم القيامة وذكر أشراطه.
وإثبات الجزاء على الأعمال التي عملها الناس في الدنيا.
واختلاف أحوال أهل السعادة وأهل الشقاء وتكريم أهل السعادة.
والتذكيرِ بالموت وأنه أول مراحل الآخرة.
والزجرِ عن إيثار منافع الحياة العاجلة على ما أعد لأهل الخير من نعيم الآخرة.
وفي (تفسير ابن عطية) عن عُمر بن الخطاب ولم يسنده: أنه قال (من سأل عن القيامة أو أراد أن يعرف حقيقة وقوعها فليقرأ هذه السورة).
وأُدمج فيها آيات{لا تحرك به لسانك إلى وقُرءانه}(القيامة: 16، 17) لأنها نزلت في أثناء نزول هذه السورة
( يتبع )





ll]


.

.




 

رد مع اقتباس
قديم 03-15-2021, 08:37 PM   #256


مديح ال قطب غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1751
 تاريخ التسجيل :  06-03-2020
 أخر زيارة : 08-13-2021 (12:56 PM)
 المشاركات : 34,369 [ + ]
 التقييم :  22241
 الدولهـ
Egypt
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Coral
افتراضي








.



.

.

[/ce








تابع – سورة القبامة
محور مواضيع السورة :

قال الصابوني:
سورة القيامة مكية، وهي تعالج موضوع (البعث والجزاء) الذي هو أحد أركان الإيمان، وتركز بوجه خاص على القيامة وأهوالها، والساعة وشدائدها، وعن حالة الإنسان عند الاحتضار، وما يلقاه الكافر في الآخرة من المصاعب والمتاعب، ولذلك سميت سورة القيامة.
* ابتدأت السورة الكريمة بالقسم بيوم القيامة وبالنفس اللوامة، على أن البعث حق لا ريب فيه {لا أقسم ببوم القيامة ولا أقسم بالنفس اللوامة أيحسب الإنسان أن لن نجمع عظامه بلى قادربن على أن نسوي بنانه}.
* ثم ذكرت طرفا من علامات ذلك اليوم المهول، الذي يعصف فيه القمر، ويتحير فيه البصر، ويجمع فيه الخلائق والبشر للحساب والجزاء {فإذا برق البصر وخسف القمر وجمع الشمس والقمر يقول الإنسان يومئذ أين المفر كلا لا وزر إلى ربك يومئذ المستقر}.
* وتحدثت السورة عن اهتمام الرسول بضبط القرآن عند تلاوة جبريل عليه، فقد كان صلى الله عليه وسلم يجهد نفسه في متابعة جبريل، ويحرك لسانه معه ليسرع في حفظ ما يتلوه، فأمره تعالى أن يستمع للتلاوة ولا يحرك لسانه به {لا تحرك به لسانك لتعجل به إن علينا جمعه وقرآنه فإذا قرآناه فاتبع قرآنه ثم إن علينا بيانه}.
* وذكرت السورة انقسام الناس في الآخرة إلى فريقين: سعداء وأشقياء، فالسعداء وجوههم مضيئة تتلألأ بالأنوار، ينظرون إلى الرب جل وعلا، والأشقياء وجوههم مظلمة قاتمة يعلوها الذل والقترة {وجوة يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة ووجوه يومئذ باسرة تظن أن يفعل بها فاقرة}.
* ثم تحدثت السورة عن حال المرء وقت الاحتضار، حيث تكون الأهوال والشدائد، ويلقى الإنسان من الكرب والضيق ما لم يكن في الحسبان {كلا إذا بلغت التراقي وقيل من راق وظن أنه الفراق والتفت الساق بالساق إلى ربك يومئذ المساق فلا صدق ولا وصلى ولكن كذب وتولى ثم ذهب إلى أهله يتمطى..} الآيات.
* وختمت السورة الكريمة باثبات الحشر والمعاد، بالأدلة والبراهين العقلية {أيحسب الإنسان أن يترك سدى ألم يك نطفة من مني يمنى ثم كان علقة فخلق فسوى فجعل منه الزوجين الذكر والأنثى أليس ذلك بقادر على أن يحيى الموتى}؟





)


قال سيد قطب
هذه السورة الصغيرة تحشد على القلب البشري من الحقائق والمؤثرات والصور والمشاهد ، والإيقاعات واللمسات ، ما لا قبل له بمواجهته ولا التفلت منه .. تحشدها بقوة ، في أسلوب خاص ، يجعل لها طابعا قرآنيا مميزا ، سواء في أسلوب الأداء التعبيري ، أو أسلوب الأداء الموسيقي ، حيث يجتمع هذا وذاك على إيقاع تأثير شعوري قوي ، تصعب مواجهته ويصعب التفلت منه أيضا! إنها تبدأ في الآيتين الأوليين منها بإيقاع عن القيامة ، وإيقاع عن النفس : «لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيامَةِ وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ» .. ثم يستطرد الحديث فيها متعلقا بالنفس ومتعلقا بالقيامة ، من المطلع إلى الختام ، تزاوج بين النفس وبين القيامة حتى تنتهي. وكأن هذا المطلع إشارة إلى موضوع السورة. أو كأنه اللازمة الإيقاعية التي ترتد إليها كل إيقاعات السورة ، بطريقة دقيقة جميلة ..
من تلك الحقائق الكبيرة التي تحشدها هذه السورة في مواجهة القلب البشري ، وتضرب بها عليه حصارا لا مهرب منه .. حقيقة الموت القاسية الرهيبة التي تواجه كل حي ، فلا يملك لها ردا ، ولا يملك لها أحد ممن حوله دفعا. وهي تتكرر في كل لحظة ، ويواجهها الكبار والصغار ، والأغنياء والفقراء ، والأقوياء والضعاف ، ويقف الجميع منها موقفا واحدا .. لا حيلة. ولا وسيلة. ولا قوة. ولا شفاعة. ولا دفع. ولا تأجيل .. مما يوحي بأنها قادمة من جهة عليا لا يملك البشر معها شيئا. ولا مفر من الاستسلام لها ، والاستسلام لإرادة تلك الجهة العليا .. وهذا هو الإيقاع الذي تمس به السورة القلوب وهي تقول : «كَلَّا! إِذا بَلَغَتِ التَّراقِيَ ، وَقِيلَ : مَنْ راقٍ؟ وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِراقُ. وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ .. إِلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَساقُ» ..


ومن تلك الحقائق الكبيرة التي تعرضها السورة ، حقيقة النشأة الأولى ، ودلالتها على صدق الخبر بالنشأة الأخرى ، وعلى أن هناك تدبيرا في خلق هذا الإنسان وتقديرا .. وهي حقيقة يكشف اللّه للناس عن دقة أدوارها وتتابعها في صنعة مبدعة ، لا يقدر عليها إلا اللّه ، ولا يدعيها أحد ممن يكذبون بالآخرة ويتمارون فيها. فهي قاطعة في أن هناك إلها واحدا يدبر هذا الأمر ويقدره كما أنها بينة لا ترد على يسر النشأة الآخرة ، وايحاء قوي بضرورة النشأة الآخرة ، تمشيا مع التقدير والتدبير الذي لا يترك هذا الإنسان سدى ، ولا يدع حياته وعمله بلا وزن ولا حساب .. وهذا هو الإيقاع الذي تمس السورة به القلوب وهي تقول في أولها : «أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظامَهُ؟» ثم تقول في آخرها : «أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدىً؟ أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ. يُمْنى ؟ ثُمَّ كانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى؟ فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ : الذَّكَرَ وَالْأُنْثى ؟ أَلَيْسَ ذلِكَ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى ؟» ..
ومن المشاهد المؤثرة التي تحشدها السورة ، وتواجه بها القلب البشري مواجهة قوية .. مشهد يوم القيامة وما يجري فيه من انقلابات كونية ، ومن اضطرابات نفسية ، ومن حيرة في مواجهة الأحداث الغالبة حيث يتجلى الهول في صميم الكون ، وفي أغوار النفس وهي تروغ من هنا ومن هناك كالفأر في المصيدة! وذلك ردا على تساؤل الإنسان عن يوم القيامة في شك واستبعاد ليومها المغيب ، واستهانة بها ولجاج في الفجور. فيجيء الرد في إيقاعات سريعة ، ومشاهد سريعة ، وومضات سريعة : «بل يريد الإنسان ليفجر أمامه. يسأل :
أيان يوم القيامة؟ فإذا برق البصر ، وخسف القمر ، وجمع الشمس والقمر ، يقول الإنسان يومئذ : أين المفر؟ كلا! لا وزر ، إلى ربك يومئذ المستقر ، ينبأ الإنسان يومئذ بما قدم وأخر. بل الإنسان على نفسه بصيرة ، ولو ألقى معاذيره!» ..
ومن هذه المشاهد مشهد المؤمنين المطمئنين إلى ربهم ، المتطلعين إلى وجهه الكريم في ذلك الهول. ومشهد الآخرين المقطوعي الصلة باللّه ، وبالرجاء فيه ، المتوقعين عاقبة ما أسلفوا من كفر ومعصية وتكذيب. وهو مشهد يعرض في قوة وحيوية كأنه حاضر لحظة قراءة القرآن. وهو يعرض ردا على حب الناس للعاجلة ، وإهمالهم للآخرة. وفي الآخرة يكون هذا الذي يكون : «كَلَّا! بَلْ تُحِبُّونَ الْعاجِلَةَ ، وَتَذَرُونَ الْآخِرَةَ. وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ ، إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ. وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ باسِرَةٌ ، تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِها فاقِرَةٌ!» ..


وفي ثنايا السورة وحقائقها تلك ومشاهدها تعترض أربع آيات تحتوي توجيها خاصا للرسول - صلى اللّه عليه وسلم - وتعليما له في شأن تلقي هذا القرآن. ويبدو أن هذا التعليم جاء بمناسبة حاضرة في السورة ذاتها. إذ كان الرسول - صلى اللّه عليه وسلم - يخاف أن ينسى شيئا مما يوحى إليه ، فكان حرصه على التحرز من النسيان يدفعه إلى استذكار الوحي فقرة فقرة في أثناء تلقيه وتحريك لسانه به ليستوثق من حفظه. فجاءه هذا التعليم :
«لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ ، إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ ، فَإِذا قَرَأْناهُ ، فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ ، ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا بَيانَهُ»
.. جاءه هذا التعليم ليطمئنه إلى أن أمر هذا الوحي ، وحفظ هذا القرآن ، وجمعه ، وبيان مقاصده .. كل أولئك موكول إلى صاحبه. ودوره هو ، هو التلقي والبلاغ. فليطمئن بالا ، وليتلق الوحي كاملا ، فيجده في صدره منقوشا ثابتا .. وهكذا كان .. فأما هذا التعليم فقد ثبت في موضعه حيث نزل .. أليس من قول اللّه؟ وقول اللّه ثابت في أي غرض كان؟ ولأي أمر أراد؟ وهذه كلمة من كلماته تثبت في صلب الكتاب شأنها شأن بقية الكتاب .. ودلالة إثبات هذه الآيات في موضعها هذا من السورة دلالة عميقة موحية على حقيقة لطيفة في شأن كل كلمات اللّه في أي اتجاه .. وفي شأن هذا القرآن وتضمنه لكل كلمات اللّه التي أوحى بها إلى الرسول - صلى اللّه عليه وسلم - لم يخرم منها حرف ، ولم تند منها عبارة. فهو الحق والصدق والتحرج والوقار! وهكذا يشعر القلب - وهو يواجه هذه السورة - أنه محاصر لا يهرب. مأخوذ بعمله لا يفلت. لا ملجأ له من اللّه ولا عاصم. مقدرة نشأته وخطواته بعلم اللّه وتدبيره ، في النشأة الأولى وفي النشأة الآخرة سواء ، بينما هو يلهو ويلعب ويغتر ويتبطر : «فَلا صَدَّقَ وَلا صَلَّى وَلكِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى. ثُمَّ ذَهَبَ إِلى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى» ..
( يتبع )

ll]


.

.




 

رد مع اقتباس
قديم 03-15-2021, 08:38 PM   #257


مديح ال قطب غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1751
 تاريخ التسجيل :  06-03-2020
 أخر زيارة : 08-13-2021 (12:56 PM)
 المشاركات : 34,369 [ + ]
 التقييم :  22241
 الدولهـ
Egypt
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Coral
افتراضي








.



.

.

[/ce






تابع – سورة القبامة
محور مواضيع السورة :
وفي مواجهة تلك الحشود من الحقائق والمؤثرات واللمسات والإيحاءات يسمع التهديد الملفوف : «أَوْلى لَكَ فَأَوْلى . ثُمَّ أَوْلى لَكَ فَأَوْلى » فيكون له وقعه ومعناه! وهكذا تعالج السورة عناد هذا القلب وإعراضه وإصراره ولهوه. وتشعره بالجد الصارم الحازم في هذا الشأن ، شأن القيامة ، وشأن النفس ، وشأن الحياة المقدرة بحساب دقيق. ثم شأن هذا القرآن الذي لا يخرم منه حرف ، لأنه من كلام العظيم الجليل ، الذي تتجاوب جنبات الوجود بكلماته ، وتثبت في سجل الكون الثابت ، وفي صلب هذا الكتاب الكريم.
وقد عرضنا نحن لحقائق السورة ومشاهدها فرادى لمجرد البيان. وهي في نسق السورة شيء آخر. إذ أن تتابعها في السياق ، والمزاوجة بينها هنا وهناك ، ولمسة القلب بجانب من الحقيقة مرة ، ثم العودة إليه بالجانب الآخر بعد فترة .. كل ذلك من خصائص الأسلوب القرآني في مخاطبة القلب البشري مما لا يبلغ إليه أسلوب آخر ، ولا طريقة أخرى ..
فلنأخذ في مواجهة السورة كما هي في سياقها القرآني الخاص :
«لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيامَةِ ، وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ ، أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظامَهُ؟ بَلى قادِرِينَ عَلى أَنْ نُسَوِّيَ بَنانَهُ ، بَلْ يُرِيدُ الْإِنْسانُ لِيَفْجُرَ أَمامَهُ ، يَسْئَلُ : أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيامَةِ؟ فَإِذا بَرِقَ الْبَصَرُ ، وَخَسَفَ الْقَمَرُ ، وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ .. يَقُولُ الْإِنْسانُ يَوْمَئِذٍ : أَيْنَ الْمَفَرُّ؟ كَلَّا لا وَزَرَ. إِلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ ، يُنَبَّؤُا الْإِنْسانُ يَوْمَئِذٍ بِما قَدَّمَ وَأَخَّرَ ، بَلِ الْإِنْسانُ عَلى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ ، وَلَوْ أَلْقى مَعاذِيرَهُ» ..
هذا التلويح بالقسم مع العدول عنه أوقع في الحس من القسم المباشر وهذا الوقع هو المقصود من العبارة ، وهو يتم أحسن تمام بهذا الأسلوب الخاص ، الذي يتكرر في مواضع مختلفة من القرآن .. ثم تبرز من ورائه حقيقة القيامة وحقيقة النفس اللوامة.




وحقيقة القيامة سيرد عنها الكثير في مواضعه في السورة. فأما النفس اللوامة ففي التفسيرات المأثورة أقوال متنوعة عنها .. فعن الحسن البصري : إن المؤمن واللّه ما تراه إلا يلوم نفسه : ما أردت بكلمتي؟ ما أردت بأكلتي؟ ما أردت بحديث نفسي؟ وإن الفاجر يمضي قدما ما يعاتب نفسه .. وعن الحسن : ليس أحد من أهل السماوات والأرضين إلا يلوم نفسه يوم القيامة .. وعن عكرمة : تلوم على الخير والشر : لو فعلت كذا وكذا! كذلك عن سعيد بن جبير .. وعن ابن عباس : هي النفس اللؤوم. وعنه أيضا : اللوامة المذمومة.
وعن مجاهد : تندم على ما فات وتلوم عليه .. وعن قتادة : الفاجرة .. وقال جرير : وكل هذه الأقوال متقاربة المعنى ، والأشبه بظاهر التنزيل أنها التي تلوم صاحبها على الخير والشر ، وتندم على ما فات.
ونحن نختار في معنى «بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ» قول الحسن البصري : «إن المؤمن واللّه ما تراه إلا يلوم نفسه :
ما أردت بكلمتي؟ ما أردت بأكلتي؟ ما أردت بحديث نفسي؟ وإن الفاجر يمضي قدما ما يعاتب نفسه» ..
فهذه النفس اللوامة المتيقظة التقية الخائفة المتوجسة التي تحاسب نفسها ، وتتلفت حولها ، وتتبين حقيقة هواها ، وتحذر خداع ذاتها هي النفس الكريمة على اللّه ، حتى ليذكرها مع القيامة. ثم هي الصورة المقابلة للنفس الفاجرة. نفس الإنسان الذي يريد أن يفجر ويمضي قدما في الفجور ، والذي يكذب ويتولى ويذهب إلى أهله يتمطى دون حساب لنفسه ودون تلوم ولا تحرج ولا مبالاة! «لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيامَةِ ، وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ» .. على وقوع هذه القيامة ، ولكنه لما عدل عن القسم ، عدل عن ذكر المقسم به ، وجاء به في صورة أخرى كأنها ابتداء لحديث بعد التنبيه إليه بهذا المطلع الموقظ :
«أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظامَهُ؟ بَلى قادِرِينَ عَلى أَنْ نُسَوِّيَ بَنانَهُ» ..


لقد كانت المشكلة الشعورية عند المشركين هي صعوبة تصورهم لجمع العظام البالية ، الذاهبة في التراب ، المتفرقة في الثرى ، لإعادة بعث الإنسان حيا! ولعلها لا تزال كذلك في بعض النفوس إلى يومنا هذا! والقرآن يرد على هذا الحسبان بعدم جمع العظام مؤكدا وقوعه : «بَلى ! قادِرِينَ عَلى أَنْ نُسَوِّيَ بَنانَهُ» .. والبنان أطراف الأصابع والنص يؤكد عملية جمع العظام ، بما هو أرقى من مجرد جمعها ، وهو تسوية البنان ، وتركيبه في موضعه كما كان! وهي كناية عن إعادة التكوين الإنساني بأدق ما فيه ، وإكماله بحيث لا تضيع منه بنان ، ولا تختل عن مكانها ، بل تسوى تسوية ، لا ينقص معها عضو ولا شكل هذا العضو ، مهما صغر ودق! ويكتفي هنا بهذا التقرير المؤكد ، وسيجيء في نهاية السورة دليل آخر من واقع النشأة الأولى. إنما يخلص هنا إلى الكشف عن العلة النفسية في هذا الحسبان ، وتوقع عدم جمع العظام .. إن هذا الإنسان يريد أن يفجر ، ويمضي قدما في الفجور ، ولا يريد أن يصده شيء عن فجوره ، ولا أن يكون هناك حساب عليه وعقاب. ومن ثم فهو يستبعد وقوع البعث ، ويستبعد مجيء يوم القيامة :
«بَلْ يُرِيدُ الْإِنْسانُ لِيَفْجُرَ أَمامَهُ. يَسْئَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيامَةِ؟» ..
والسؤال بأيان - هذا اللفظ المديد الجرس - يوحي باستبعاده لهذا اليوم .. وذلك تمشيا مع رغبته في أن يفجر ويمضي في فجوره ، لا يصده شبح البعث وشبح الآخرة .. والآخرة لجام للنفس الراغبة في الشر ، ومصد للقلب المحب للفجور. فهو يحاول إزالة هذا المصد ، وإزاحة هذا اللجام ، لينطلق في الشر والفجور بلا حساب ليوم الحساب.
ومن ثم كان الجواب على التهكم بيوم القيامة واستبعاد موعدها ، سريعا خاطفا حاسما ، ليس فيه تريث ولا إبطاء حتى في إيقاع النظم ، وجرس الألفاظ. وكان مشهدا من مشاهد القيامة تشترك فيه الحواس والمشاعر الإنسانية ، والمشاهد الكونية :
« فَإِذا بَرِقَ الْبَصَرُ. وَخَسَفَ الْقَمَرُ ، وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ. يَقُولُ الْإِنْسانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ؟».
فالبصر يخطف ويتقلب سريعا سريعا تقلب البرق وخطفه. والقمر يخسف ويطمس نوره. والشمس تقترن بالقمر بعد افتراق. ويختل نظامهما الفلكي المعهود ، حيث ينفرط ذلك النظام الكوني الدقيق .. وفي وسط هذا الذعر والانقلاب ، يتساءل الإنسان المرعوب : «أَيْنَ الْمَفَرُّ؟» ويبدو في سؤاله الارتباع والفزع ، وكأنما ينظر في كل اتجاه ، فإذا هو مسدود دونه ، مأخوذ عليه! ولا ملجأ ولا وقاية ، ولا مفر من قهر اللّه وأخذه ، والرجعة إليه ، والمستقر عنده ولا مستقر غيره :
«كَلَّا! لا وَزَرَ. إِلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ» ..
وما كان يرغب فيه الإنسان من المضي في الفجور بلا حساب ولا جزاء ، لن يكون يومئذ ، بل سيكون كل ما كسبه محسوبا ، وسيذكر به إن كان نسيه ، ويؤخذ به بعد أن يذكره ويراه حاضرا :
«يُنَبَّؤُا الْإِنْسانُ يَوْمَئِذٍ بِما قَدَّمَ وَأَخَّرَ» بما قدمه من عمل قبل وفاته ، وبما أخره وراءه من آثار هذا العمل خيرا كان أم شرا. فمن الأعمال ما يخلف وراءه آثارا تضاف لصاحبها في ختام الحساب! ومهما اعتذر الإنسان بشتى المعاذير عما وقع منه ، فلن يقبل منها عذر ، لأن نفسه موكولة إليه ، وهو موكل بها ، وعليه أن يهديها إلى الخير ويقودها. فإذا انتهى بها إلى الشر فهو مكلف بها وحجة عليها :
«بَلِ الْإِنْسانُ عَلى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ وَلَوْ أَلْقى مَعاذِيرَهُ»
( يتبع )





ll]


.

.




 

رد مع اقتباس
قديم 03-15-2021, 08:39 PM   #258


مديح ال قطب غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1751
 تاريخ التسجيل :  06-03-2020
 أخر زيارة : 08-13-2021 (12:56 PM)
 المشاركات : 34,369 [ + ]
 التقييم :  22241
 الدولهـ
Egypt
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Coral
افتراضي








.



.

.

[/ce





تابع – سورة القبامة
محور مواضيع السورة :
ومما يلاحظ أن كل شيء سريع قصير : الفقر. والفواصل. والإيقاع الموسيقي. والمشاهد الخاطفة. وكذلك عملية الحساب : «يُنَبَّؤُا الْإِنْسانُ يَوْمَئِذٍ بِما قَدَّمَ وَأَخَّرَ»
هكذا في سرعة وإجمال .. ذلك أنه رد على استطالة الأمد والاستخفاف بيوم الحساب! ثم تجيء الآيات الأربع الخاصة بتوجيه الرسول - صلى اللّه عليه وسلم - في شأن الوحي وتلقي هذا القرآن :
«لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ. إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ. فَإِذا قَرَأْناهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ. ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا بَيانَهُ»
..
وبالإضافة إلى ما قلناه في مقدمة السورة عن هذه الآيات ، فإن الإيحاء الذي تتركه في النفس هو تكفل اللّه المطلق بشأن هذا القرآن : وحيا وحفظا وجمعا وبيانا وإسناده إليه سبحانه وتعالى بكليته. ليس للرسول - صلى اللّه عليه وسلم - من أمره إلا حمله وتبليغه. ثم لهفة الرسول - صلى اللّه عليه وسلم - وشدة حرصه على استيعاب ما يوحى إليه وأخذه مأخذ الجد الخالص ، وخشيته أن ينسى منه عبارة أو كلمة ، مما كان يدعوه إلى متابعة جبريل عليه السلام في التلاوة آية آية وكلمة كلمة يستوثق منها أن شيئا لم يفته ، ويتثبت من حفظه له فيما بعد! وتسجيل هذا الحادث في القرآن المتلو له قيمته في تعميق هذه الإيحاءات التي ذكرناها هنا وفي مقدمة السورة بهذا الخصوص.
ثم يمضي سياق السورة في عرض مشاهد القيامة وما يكون فيها من شأن النفس اللوامة ، فيذكرهم بحقيقة نفوسهم وما يعتلج فيها من حب للدنيا وانشغال ، ومن إهمال للآخرة وقلة احتفال ويواجههم بموقفهم في الآخرة بعد هذا وما ينتهي إليه حالهم فيها. ويعرض لهم هذا الموقف في مشهد حي قوي الإيحاء عميق الإيقاع :
«كَلَّا. بَلْ تُحِبُّونَ الْعاجِلَةَ ، وَتَذَرُونَ الْآخِرَةَ. وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ ، إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ باسِرَةٌ ، تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِها فاقِرَةٌ» ..




وأول ما يلحظ من ناحية التناسق في السياق هو تسمية الدنيا بالعاجلة في هذا الموضع. ففضلا عن إيحاء اللفظ بقصر هذه الحياة وسرعة انقضائها - وهو الإيحاء المقصود - فإن هناك تناسقا بين ظل اللفظ وظل الموقف السابق المعترض في السياق ، وقول اللّه تعالى لرسوله - صلى اللّه عليه وسلم - «لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ»
.. فهذا التحريك وهذه العجلة هي أحد ظلال السمة البشرية في الحياة الدنيا .. وهو تناسق في الحس لطيف دقيق يلحظه التعبير القرآني في الطريق! ثم نخلص إلى الموقف الذي يرسمه هذا النص القرآني الفريد :
«وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ. إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ» ..
إن هذا النص ليشير إشارة سريعة إلى حالة تعجز الكلمات عن تصويرها كما يعجز الإدراك عن تصورها بكل حقيقتها. ذلك حين يعد الموعودين السعداء بحالة من السعادة لا تشبهها حالة. حتى لتتضاءل إلى جوارها الجنة بكل ما فيها من ألوان النعيم! هذه الوجوه الناضرة .. نضرها أنها إلى ربها ناظرة ..
إلى ربها ..؟! فأي مستوى من الرفعة هذا؟ أي مستوى من السعادة؟


إن روح الإنسان لتستمتع أحيانا بلمحة من جمال الإبداع الإلهي في الكون أو النفس ، تراها في الليلة القمراء.
أو الليل الساجي. أو الفجر الوليد. أو الظل المديد. أو البحر العباب. أو الصحراء المنسابة. أو الروض البهيج. أو الطلعة البهية. أو القلب النبيل. أو الإيمان الواثق. أو الصبر الجميل .. إلى آخر مطالع الجمال في هذا الوجود .. فتغمرها النشوة ، وتفيض بالسعادة ، وترف بأجنحة من نور في عوالم مجنحة طليقة. وتتوارى عنها أشواك الحياة ، وما فيها من الم وقبح ، وثقلة طين وعرامة لحم ودم ، وصراع شهوات وأهواء ..
فكيف؟ كيف بها وهي تنظر - لا إلى جمال صنع اللّه - ولكن إلى جمال ذات اللّه؟
ألا إنه مقام يحتاج أولا إلى مد من اللّه. ويحتاج ثانيا إلى تثبيت من اللّه. ليملك الإنسان نفسه ، فيثبت ، ويستمتع بالسعادة ، التي لا يحيط بها وصف ، ولا يتصور حقيقتها إدراك! «وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ .. إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ» ..
ومالها لا تتنضر وهي إلى جمال ربها تنظر؟
( يتبع )





ll]


.

.




 

رد مع اقتباس
قديم 03-15-2021, 08:39 PM   #259


مديح ال قطب غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1751
 تاريخ التسجيل :  06-03-2020
 أخر زيارة : 08-13-2021 (12:56 PM)
 المشاركات : 34,369 [ + ]
 التقييم :  22241
 الدولهـ
Egypt
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Coral
افتراضي
















تابع – سورة القبامة
محور مواضيع السورة :
إن الإنسان لينظر إلى شيء من صنع اللّه في الأرض. من طلعة بهية ، أو زهرة ندية ، أو جناح رفاف ، أو روح نبيل ، أو فعل جميل. فإذا السعادة تفيض من قلبه على ملامحه ، فيبدو فيها الوضاءة والنضارة. فكيف بها حين تنظر إلى جمال الكمال. مطلقا من كل ما في الوجود من شواغل عن السعادة بالجمال؟ فما تبلغ الكينونة الإنسانية ذلك المقام ، إلا وقد خلصت من كل شائبة تصدها عن بلوغ ذلك المرتقى الذي يعز على الخيال! كل شائبة لا فيما حولها فقط ، ولكن فيها هي ذاتها من دواعي النقص والحاجة إلى شيء ما سوى النظر إلى اللّه ..
فأما كيف تنظر؟ وبأي جارحة تنظر؟ وبأي وسيلة تنظر؟ .. فذلك حديث لا يخطر على قلب يمسه طائف من الفرح الذي يطلقه النص القرآني ، في القلب المؤمن ، والسعادة التي يفيضها على الروح ، والتشوف والتطلع والانطلاق! فما بال أناس يحرمون أرواحهم أن تعانق هذا النور الفائض بالفرح والسعادة؟ ويشغلونها بالجدل حول مطلق ، لا تدركه العقول المقيدة بمألوفات العقل ومقرراته؟! إن ارتقاء الكينونة الإنسانية وانطلاقها من قيود هذه الكينونة الأرضية المحدودة ، هو فقط محط الرجاء في التقائها بالحقيقة الطليقة يومذاك. وقبل هذا الانطلاق سيعز عليها أن تتصور - مجرد تصور - كيف يكون ذلك اللقاء.
وإذن فقد كان جدلا ضائعا ذلك الجدل الطويل المديد الذي شغل به المعتزلة أنفسهم ومعارضيهم من أهل السنة والمتكلمين حول حقيقة النظر والرؤية في مثل ذلك المقام.
لقد كانوا يقيسون بمقاييس الأرض ويتحدثون عن الإنسان المثقل بمقررات العقل في الأرض ويتصورون الأمر بالمدارك المحدودة المجال.


إن مدلول الكلمات ذاته مقيد بما تدركه عقولنا وتصوراتنا المحدودة. فإذا انطلقت وتحررت من هذه التصورات فقد تتغير طبيعة الكلمات. فالكلمات ليست سوى رموز يختلف ما ترمز إليه بحسب التصورات الكامنة في مدارك الإنسان. فإذا تغيرت طاقته تغير معها رصيده من التصورات ، وتغيرت معها طبيعة مدلول الكلمات. ونحن نتعامل في هذه الأرض بتلك الرموز على قدر حالنا! فما لنا نخوض في أمر لا يثبت لنا منه حتى مدلول الكلمات؟! فلنتطلع إلى فيض السعادة الغامر الهادئ ، وفيض الفرح المقدس الطهور ، الذي ينطلق من مجرد تصورنا لحقيقة الموقف على قدر ما نملك. ولنشغل أرواحنا بالتطلع إلى هذا الفيض فهذا التطلع ذاته نعمة. لا تفوقها إلا نعمة النظر إلى وجهه الكريم ..
«وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ باسِرَةٌ ، تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِها فاقِرَةٌ».
وهي الوجوه الكالحة المتقبضة التعيسة ، المحجوبة عن النظر والتطلع ، بخطاياها وارتكاسها وكثافتها وانطماسها.
وهي التي يشغلها ويحزنها ويخلع عليها البسر والكلوحة توقعها أن تحل بها الكارثة القاصمة للظهر ، المحطمة للفقار .. الفاقرة. وهي من التوقع والتوجس في كرب وكلوحة وتقبض وتنغيص ..
فهذه هي الآخرة التي يذرونها ويهملونها ويتجهون إلى العاجلة يحبونها ويحفلونها. ووراءهم هذا اليوم الذي تختلف فيه المصائر والوجوه ، هذا الاختلاف الشاسع البعيد!!! من وجوه يومئذ ناضرة ، إلى ربها ناظرة إلى وجوه يومئذ باسرة ، تظن أن يفعل بها فاقرة!!! وإذا كانت مشاهد القيامة .. إذا برق البصر ، وخسف القمر ، وجمع الشمس والقمر ، وقال الإنسان يومئذ أين المفر. ولا مفر. وإذا اختلفت المصائر والوجوه ، ذلك الاختلاف الشاسع البعيد ، فكانت وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة ، ووجوه يومئذ باسرة تظن أن يفعل بها فاقرة ..
إذا كانت تلك المشاهد تستمد قوتها وإيقاعها في النفس ، من قوة الحقيقة الكامنة فيها ، وقوة الأداء القرآني الذي يشخصها ويحييها ، فإن السورة بعد عرض تلك المشاهد تقرب وتقرب حتى تلمس حس المخاطبين بمشهد آخر حاضر واقع مكرور ، لا تمر لحظة حتى يواجههم في هذه الأرض بقوته ووضوحه ووزنه الثقيل! إنه مشهد الموت. الموت الذي ينتهي إليه كل حي ، والذي لا يدفعه عن نفسه ولا عن غيره حي. الموت الذي يفرق الأحبة ، ويمضي في طريقه لا يتوقف ، ولا يتلفت ، ولا يستجيب لصرخة ملهوف ، ولا لحسرة مفارق ، ولا لرغبة راغب ولا لخوف خائف! الموت الذي يصرع الجبابرة بنفس السهولة التي يصرع بها الأقزام ، ويقهر بها المتسلطين كما يقهر المستضعفين سواء! الموت الذي لا حيلة للبشر فيه وهم مع هذا لا يتدبرون القوة القاهرة التي تجريه :
«كَلَّا! إِذا بَلَغَتِ التَّراقِيَ ، وَقِيلَ : مَنْ راقٍ؟ وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِراقُ ، وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ. إِلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَساقُ» ..


إنه مشهد الاحتضار ، يواجههم به النص القرآني كأنه حاضر ، وكأنه يخرج من ثنايا الألفاظ ويتحرك كما تخرج ملامح الصورة من خلال لمسات الريشة! «كَلَّا إِذا بَلَغَتِ التَّراقِيَ» .. وحين تبلغ الروح التراقي يكون النزع الأخير ، وتكون السكرات المذهلة ، ويكون الكرب الذي تزوغ منه الأبصار .. ويتلفت الحاضرون حول المحتضر يتلمسون حيلة أو وسيلة لاستنقاذ الروح المكروب : «وَقِيلَ : مَنْ راقٍ؟»
لعل رقية تفيد! .. وتلوّى المكروب من السكرات والنزع .. «وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ» .. وبطلت كل حيلة ، وعجزت كل وسيلة ، وتبين الطريق الواحد الذي يساق إليه كل حي في نهاية المطاف : «إِلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَساقُ» ..
إن المشهد ليكاد يتحرك وينطق. وكل آية ترسم حركة. وكل فقرة تخرج لمحة. وحالة الاحتضار ترتسم ويرتسم معها الجزع والحيرة واللهفة ومواجهة الحقيقة القاسية المريرة ، التي لا دافع لها ولا راد .. ثم تظهر النهاية التي لا مفر منها .. «إِلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَساقُ» ..
ويسدل الستار على المشهد الفاجع ، وفي العين منه صورة ، وفي الحس منه أثر ، وعلى الجو كله وجوم صامت مرهوب. وفي مواجهة المشهد المكروب الملهوف الجاد الواقع يعرض مشهد اللاهين المكذبين ، الذين لا يستعدون بعمل ولا طاعة ، بل يقدمون المعصية والتولي ، في عبث ولهو ، وفي اختيال بالمعصية والتولي :
«فَلا صَدَّقَ وَلا صَلَّى ، وَلكِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى ، ثُمَّ ذَهَبَ إِلى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى»! ..
وقد ورد أن هذه الآيات تعني شخصا معينا بالذات ، قيل هو أبو جهل «عمرو بن هشام» .. وكان يجيء أحيانا إلى رسول اللّه - صلى اللّه عليه وسلم - يسمع منه القرآن. ثم يذهب عنه ، فلا يؤمن ولا يطيع ، ولا يتأدب ولا يخشى ويؤذي رسول اللّه - صلى اللّه عليه وسلم - بالقول ، ويصد عن سبيل اللّه. ثم يذهب مختالا بما يفعل ، فخورا بما ارتكب من الشر ، كأنما فعل شيئا يذكر ..
( يتبع )









 

رد مع اقتباس
قديم 03-15-2021, 08:40 PM   #260


مديح ال قطب غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1751
 تاريخ التسجيل :  06-03-2020
 أخر زيارة : 08-13-2021 (12:56 PM)
 المشاركات : 34,369 [ + ]
 التقييم :  22241
 الدولهـ
Egypt
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Coral
افتراضي


















تابع – سورة القبامة
محور مواضيع السورة :
إن التعبير القرآني يتهكم به ، ويسخر منه ، ويثير السخرية كذلك ، وهو يصور حركة اختياله بأنه «يَتَمَطَّى!» يمط في ظهره ويتعاجب تعاجبا ثقيلا كريها! وكم من أبي جهل في تاريخ الدعوة إلى اللّه ، يسمع ويعرض ، ويتفنن في الصد عن سبيل اللّه ، والأذى للدعاة ، ويمكر مكر السيئ ، ويتولى وهو فخور بما أوقع من الشر والسوء ، وبما أفسد في الأرض ، وبما صد عن سبيل اللّه ، وبما مكر لدينه وعقيدته وكاد! والقرآن يواجه هذه الخيلاء الشريرة بالتهديد والوعيد :
«أَوْلى لَكَ فَأَوْلى . ثُمَّ أَوْلى لَكَ فَأَوْلى » ..
وهو تعبير اصطلاحي يتضمن التهديد والوعيد ، وقد أمسك رسول اللّه - صلى اللّه عليه وسلم - بخناق أبي جهل مرة ، وهزه ، وهو يقول له : «أَوْلى لَكَ فَأَوْلى . ثُمَّ أَوْلى لَكَ فَأَوْلى » .. فقال عدو اللّه : أتوعدني يا محمد؟
واللّه لا تستطيع أنت ولا ربك شيئا. وإني لأعز من مشى بين جبليها!! فأخذه اللّه يوم بدر بيد المؤمنين بمحمد - صلى اللّه عليه وسلم - وبرب محمد القوي القهار المتكبر. ومن قبله قال فرعون لقومه : «ما عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرِي» .. وقال : «أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهذِهِ الْأَنْهارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي؟» .. ثم أخذه اللّه كذلك.
وكم من أبي جهل في تاريخ الدعوات يعتز بعشيرته وبقوته وبسلطانه ويحسبها شيئا وينسى اللّه وأخذه.
حتى يأخذه أهون من بعوضة ، وأحقر من ذبابة .. إنما هو الأجل الموعود لا يستقدم لحظة ولا يستأخر.


وفي النهاية يمس القلوب بحقيقة أخرى واقعية في حياتهم ، لها دلالتها على تدبير اللّه وتقديره لحياة الإنسان.
ولها دلالتها كذلك على النشأة الآخرة التي ينكرونها أشد الإنكار. ولا مفر من مواجهتها ، ولا حيلة في دفع دلالتها :
«أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدىً؟ أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنى ؟ ثُمَّ كانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى؟ فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ : الذَّكَرَ وَالْأُنْثى ؟ أَلَيْسَ ذلِكَ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى ؟» ..
وهذا المقطع الأخير العميق الإيقاع ، يشتمل على لفتات عميقة إلى حقائق كبيرة. ما كان المخاطبون بهذا القرآن يخطرونها على بالهم في ذلك الزمان. وأولى هذه اللفتات تلك اللفتة إلى التقدير والتدبير في حياة الإنسان :
«أَيَحْسَب ُ الْإِنْسانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدىً»
فلقد كانت الحياة في نظر القوم حركة لا علة لها ولا هدف ولا غاية .. أرحام تدفع وقبور تبلع .. وبين هاتين لهو ولعب ، وزينة وتفاخر ، ومتاع قريب من متاع الحيوان .. فأما أن يكون هناك ناموس ، وراءه هدف ، ووراء الهدف حكمة وأن يكون قدوم الإنسان إلى هذه الحياة وفق قدر يجري إلى غاية مقدرة ، وأن ينتهي إلى حساب وجزاء ، وأن تكون رحلته على هذه الأرض ابتلاء ينتهي إلى الحساب والجزاء .. أما هذا التصور الدقيق المتناسق ، والشعور بما وراءه من ألوهية قادرة مدبرة حكيمة ، تفعل كل شيء بقدر ، وتنهي كل شيء إلى نهاية .. أما هذا فكان أبعد شيء عن تصور الناس ومداركهم ، في ذلك الزمان.
والذي يميز الإنسان عن الحيوان ، هو شعوره باتصال الزمان والأحداث والغايات. وبوجود الهدف والغاية من وجوده الإنساني ، ومن الوجود كله من حوله. وارتقاؤه في سلم الإنسانية يتبع نمو شعوره هذا وسعته ، ودقة تصوره لوجود الناموس ، وارتباط الأحداث والأشياء بهذا الناموس. فلا يعيش عمره لحظة لحظة ، ولا حادثة حادثة ، بل يرتبط في تصوره الزمان والمكان والماضي والحاضر والمستقبل. ثم يرتبط هذا كله بالوجود الكبير ونواميسه. ثم يرتبط هذا كله بإرادة عليا خالقة مدبرة لا تخلق الناس عبثا ولا تتركهم سدى.
وهذا هو التصور الكبير الذي نقل القرآن الناس اليه منذ ذلك العهد البعيد ، نقلة هائلة بالقياس إلى التصورات السائدة إذ ذاك وما تزال هائلة بالقياس إلى سائر التصورات الكونية التي عرفتها الفلسفة قديما وحديثا «1» وهذه اللمسة : «أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدىً» .. هي إحدى لمسات القرآن التوجيهية للقلب البشري ، كي يتلفت ويستحضر الروابط والصلات ، والأهداف والغايات ، والعلل والأسباب ، التي تربط وجوده بالوجود كله ، وبالإرادة المدبرة للوجود كله.


وفي غير تعقيد ولا غموض يأتي بالدلائل الواقعة البسيطة التي تشهد بأن الإنسان لن يترك سدى .. إنها دلائل نشأته الأولى :
«أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنى ؟ ثُمَّ كانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى؟ فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى ؟».
فما هذا الإنسان؟ مم خلق؟ وكيف كان؟ وكيف صار؟ وكيف قطع رحلته الكبيرة حتى جاء إلى هذا الكوكب؟
ألم يك نطفة صغيرة من الماء ، من مني يمنى ويراق؟ ألم تتحول هذه النطفة من خلية واحدة صغيرة إلى علقة ذات وضع خاص في الرحم ، تعلق بجدرانه لتعيش وتستمد الغذاء؟ فمن ذا الذي ألهمها هذه الحركة؟ ومن ذا الذي أودعها هذه القدرة؟ ومن ذا الذي وجهها هذا الاتجاه؟
ثم من ذا الذي خلقها بعد ذلك جنينا معتدلا منسق الأعضاء؟ مؤلفا جسمه من ملايين الملايين من الخلايا الحية ، وهو في الأصل خلية واحدة مع بويضة؟ والرحلة المديدة التي قطعها من الخلية الواحدة إلى الجنين السوي - وهي أطول بمراحل من رحلته من مولده إلى مماته - والتغيرات التي تحدث في كيانه في الرحلة الجنينية أكثر وأوسع مدى من كل ما يصادفه من الأحداث في رحلته من مولده إلى مماته! فمن ذا الذي قاد هذه الرحلة المديدة ، وهو خليقة صغيرة ضعيفة ، لا عقل لها ولا مدارك ولا تجارب؟! ثم في النهاية. من ذا الذي جعل من الخلية الواحدة .. الذكر والأنثى؟ .. أي إرادة كانت لهذه الخلية في أن تكون ذكرا؟ وأي إرادة لتلك في أن تكون أنثى؟ أم من ذا الذي يزعم أنه تدخل فقاد خطواتهما في ظلمات الرحم إلى هذا الاختيار؟!
إنه لا مفر من الإحساس باليد اللطيفة المدبرة التي قادت النطفة المراقة في طريقها الطويل ، حتى انتهت بها إلى ذلك المصير .. «فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى » ..
وأمام هذه الحقيقة التي تفرض نفسها فرضا على الحس البشري ، يجيء الإيقاع الشامل لجملة من الحقائق التي تعالجها السورة :
«أَلَيْسَ ذلِكَ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى ؟» ..
بلى! سبحانه! فإنه لقادر على أن يحيي الموتى! بلى! سبحانه! فإنه لقادر على النشأة الأخرى! بلى! سبحانه! وما يملك الإنسان إلا أن يخشع أمام هذه الحقيقة التي تفرض نفسها فرضا.
وهكذا تنتهي السورة بهذا الإيقاع الحاسم الجازم ، القوي العميق ، الذي يملأ الحس ويفيض ، بحقيقة الوجود الإنساني وما وراءها من تدبير وتقدير ..
( يتبع )









 

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:39 AM

أقسام المنتدى

۩۞۩{ نفحات سكون القمر الإسلامية }۩۞۩ @ ۩۞۩{ الشريعة الإسلامية والحياة }۩۞۩ @ ۩۞۩{ أرصفة عامة}۩۞۩ @ ۩۞۩{ سكون للنقاش والحوار الجاد }۩۞۩ @ ۩۞۩{ مرافئ الترحيب والإستقبال }۩۞۩ @ ۩۞۩{ سعادة الأسرة بــ سكون القمر }۩۞۩ @ ۩۞۩{ لأنني أنثى نقية }۩۞۩ @ ۩۞۩{ سكون لـ النكهات المطبخية وفن الوصفات}۩۞۩ @ ۩۞۩{ آفاق إجتماعية في حياة الطفل }۩۞۩ @ ۩۞۩{ الطب والحياة }۩۞۩ @ ۩۞۩{ جنة الأزواج }۩۞۩ @ ۩۞۩{ سكون لـ الديكور والأثاث المنزلي }۩۞۩ @ ۩۞۩{ متنفسات شبابية في رحاب سكون القمر }۩۞۩ @ ۩۞۩{ لأنني رجل بـ كاريزما }۩۞۩ @ ۩۞۩{ سكون صدى الملاعب }۩۞۩ @ ۩۞۩{ عالم الإبداع والتكنولوجيا }۩۞۩ @ ۩۞۩{ سكون لـ الكمبيوتر والبرامج }۩۞۩ @ ღ مـنـتـدى البـرامــج ღ @ ღ منتدى التصاميم والجرافكس والرسم ღ @ ۩۞۩{ مرافي التبريكات والتهاني }۩۞۩ @ ۩۞۩{ شرفات من ضوء لـ سكون القمر }۩۞۩ @ ۩۞۩{ سكون لـ الصور والغرائب }۩۞۩ @ ღ سكون قسم الألعاب والتسلية والمرح ღ @ ღ المواضيع المكررة والمحذوفه والمقفله ღ @ ۩۞۩{ محكمة سكون القمر الإدارية }۩۞۩ @ ۩۞۩{ قسم الإدارة }۩۞۩ @ ۩۞۩{ رطب مسمعك ومتع عينيك }۩۞۩ @ ۩۞۩{ القسم السري }۩۞۩ @ ۩۞۩{ سكون لـ الفعاليات والمسابقات }۩۞۩ @ ۩۞۩{ سكون لـ السياحة والسفر }۩۞۩ @ ۩۞۩{ سكون لـ الأخبار المحلية والعالمية }۩۞۩ @ ۩۞۩{سكون اليوتيوب YouTube }۩۞۩ @ ۩۞۩{ تاجك يا عروس شكل تاني }۩۞۩ @ الآطباق الرئسية والمعجنات والصائر @ أزياء ألاطفال @ ۩۞۩{ ملتقى الأرواح في سماء سكون القمر}۩۞۩ @ ۩۞۩{ سكون لـ شؤون إدآرية }۩۞۩ @ ۩۞۩{ سكون لـ الرسول والصحابة الكرام }۩۞۩ @ ۩۞۩{ منتدى المنوعات }۩۞۩ @ ۩۞۩{ سكون لـ الشخصيات والقبائل العربية والانساب }۩۞۩ @ البرامج وملحقات الفوتوشوب @ ۩۞۩{قسم التعازي والمواساه والدعاء للمرضى }۩۞۩ @ ۩۞۩{سكون لـ تطوير الذات وعلم النفس }۩۞۩ @ ღ خاص بالزوار ღ @ ۩۞۩{ سكون خاص لعدسة الأعضاء }۩۞۩ @ ۩۞۩{ فصول من قناديل سكون القمر }۩۞۩ @ منتدى كلمات الاغاني @ خدمة الاعضاء وتغيير النكات والاقتراحات والشكاوي @ ۩۞۩{ الهطول المميز بقلم العضو}۩۞۩ @ ۩۞۩{ سكون لاعجاز وعلوم وتفسير القرآن الكريم}۩۞۩ @ ۩۞۩{ ساحة النون الحصرية }۩۞۩ @ ۩۞۩{ القصيد الحصري بقلم العضو }۩۞۩ @ ۩۞۩{ المقالات الحصرية بقلم العضو }۩۞۩ @ ۩۞۩{القصص الحصرية}۩۞۩ @ ۩۞۩{ متحف سكون ( لا للردود هنا) }۩۞۩ @ ۩۞۩{ دواوين الأعضاء الأدبية }۩۞۩ @ ۩۞۩{ منوعات أدبية}۩۞۩ @ ۩۞۩{ماسبق نشره بقلم الأعضاء }۩۞۩ @ ۩۞۩{الخواطر وعذب الكلام }۩۞۩ @ ۩۞۩{ الشعر والقصائد}۩۞۩ @ ۩۞۩{عالم القصة والرواية }۩۞۩ @ ۩۞۩{ المقالات الأدبية}۩۞۩ @ ۩۞۩{فنجان قهوة سكون }۩۞۩ @ ۩۞۩{ مدونات الأعضاء المميزة }۩۞۩ @ ۩۞۩{ تقنية المواضيع }۩۞۩.! @ ۩۞۩{ نزار قباني }۩۞۩.! @ ۩۞۩{الشلات والقصائد الصوتية }۩۞۩ @ ۩۞۩{ركن الكاتبة شايان}۩۞۩ @ ۩۞۩{ ركن الكاتبة منى بلال }۩۞۩ @ ۩۞۩{ ركن الكاتبة أنثى برائحة الورد }۩۞۩ @ ۩۞۩{ الردود المميزة }۩۞۩ @ ۩۞۩{في ضيافتي }۩۞۩ @ ۩۞۩{كرسي الاعتراف }۩۞۩ @ ۩۞۩{ ركن الادبية عطاف المالكي شمس }۩۞۩ @ ۩۞۩{ سكون لــ الفتاوى والشبهات }۩۞۩ @ ۩۞۩{حصريات مطبخ الأعضاء }۩۞۩ @ قسم النكت @ ۩۞۩{ المجلس الإداري }۩۞۩ @ ۩۞۩{ركن الاديب نهيان }۩۞۩ @ ۩۞۩{سكون لـ الطب والحياه }۩۞۩ @ ۩۞۩{ القسم الترفيهي}۩۞۩ @ ۩۞۩{ مدونات خاصة }۩۞۩ @ ۩۞۩{دواووين شعراء الشعر الحديث والجاهلي }۩۞۩ @ ۩۞۩{ركن الكاتب مديح ال قطب}۩۞۩ @ ۩۞۩{ الخيمة الرمضانية }۩۞۩ @ ۩۞۩{ المسابقات والفعاليات الرمضانية }۩۞۩ @ ۩۞۩{ رمضان كريم}۩۞۩ @ ۩۞۩{ الفتاوي الرمضانية }۩۞۩ @ ۩۞۩{ المطبخ الرمضاني}۩۞۩ @ ۩۞۩{ يلا نٍسأل }۩۞۩ @ قسم الزوار @ مشاكل الزوار @ الارشيف @ دروس الفوتوشوب @ تنسيق وتزيين المواضيع @



Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
new notificatio by 9adq_ala7sas
User Alert System provided by Advanced User Tagging (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2024 DragonByte Technologies Ltd.

 ملاحظة: كل مايكتب في هذا المنتدى لا يعبر عن رأي إدارة الموقع أو الأعضاء بل يعبر عن رأي كاتبه فقط

دعم وتطوير نواف كلك غلا