موسوعة قصائد واشعار الشاعر ابو الفتح البستي..

حرَّضوني على وزارةِ بُسْتٍ

ورأوها من أرفَعِ الدَّرَجاتِ

قلتُ لا اشتهي وزارةَ بُسْتٍ

إنَّني لم أمَلُّ بعدُ حَيَاتي

لا تَظُنُّنَّ بي وبِرُّكَ حَيَّ

أن شُكري كشكرِ غَيري مَواتُ

أنا أرضٌ وراحتاكَ سماءٌ

والأيادي غَيْثٌ وشكُري نَباتُ

إنَّ الَّذي آثرْتُهُ بَموَدَّتي

مِن غَيرِ سابِقَةٍ تُعَدُّ وَذِمَّةِ

نَسخُ المَوَدَّةِ لا بأخرى مثلها

نَسْخَ الكِتاب بسُنَّةٍ لم تثبُتِ

وكذَاكَ حُرُّ البذرِ إنْ أودعْتهُ

أرضاً ولم تكُ حُرَّةً لم تَنْبُتِ

الحُرُّ في التَّحقيقِ مُعتِقُ ذاتِهِ

من رِقِّ شَهوتِهِ ومن غَفلاتِهِ

ومَنِ اقتَنى ما ليسَ يُمكنُ غصبُهُ

مِنهُ وثَمَّرَ جاهداً حَسَناتِه

فأصِخْ لِوَعظي وانتفِعْ بنَصائحي

وابخَلْ بباقي العُمْرِ قَبلَ فَوَاتِهِ

وأمِتْ بجَهدِكَ قُوَّةَ الغَضَبِ الّذي

تحيا البَصيرَةُ والتُّقى بمَماتِهِ

وعليكَ بالعَدلِ الذَّي هُو للفَتى

إنْ عُدَّتِ الأوصافُ خيرُ صِفاتِهِ

واعلَمْ بأنَّ مرارَةَ المَوتِ الَّذي

يأتي الفَتى في الخَوفِ مِن بَغَتاتِهِ

والمَرءُ ليسَ يخافُ من ركَضَاتِهِ

إلاَ لوَهنٍ دَبَّ في عَزماتِهِ

أنَّى يخافُ المَوت حَيُّ عالِمٌ

يَعتَدُّهُ فَضلاً مُقوِّمَ ذاتِهِ

لاسيَّما وَوراءَ ذلِك للفتى

عَيشٌ رُخاءُ العَيشِ في لَذاَّتِهِ

مَنْ ظَنَّ أن فناءَهُ مِن مَوتِهِ

فاعلَمْ بأنَّ فناءهُ بحَياتِهِ

يامَن يُؤمِّلُ في دُنياهُ عافيةً

أبعدْتَ ما أنتَ في دارِ المُعافاةِ

دُنياكَ ثَغْرٌ فكنْ فِيها على حَذَرٍ

فالثَّغرُ مثوى مَخافاتٍ وآفاتِ

إذا تَحدَّثْتَ في قَومٍ لِتُؤْنِسَهُمْ

بِما تُحَدِّتُ عن ماضٍ وعن آتِ

فَلا تُعِيدَنَّ قَولاً إنَّ طبعَهُمُ

مُوَكَّلَ بِمُعاداةِ المُعاداتِ

كتابُكَ سَيِّدي جَلَّي هُمومي

وجَلَّ بهِ اغتِباطي وابتِهاجي

كِتابٌ في سرائرهِ سُرورٌ

مُناجِيهِ مِنَ الأحزانِ ناجي

فكْم معنىً بديعٍ تْحتَ لَفظٍ

هُناكَ تزاوَجَا أيَّ ازدِواجِ

كَراحٍ في زُجاجٍ بل كَرُوحٍ

سَرتْ في جسمِ مُعتدلِ المِزاجِ

بنفسيَ مَنْ أهدى إليَّ كتابَهُ

فأهدى ليَ الدُّنْيا معَ الدِّينِ في دُرْجِ

كِتابٌ معانيِه خِلالَ سُطورِهِ

لآلِئُ في دُرْجٍ كواكبُ في بُرجِ

ومُهَفهَفٍ غَنجِ الشَّمائلِ أزعجَتْ

صبري بدائعُ حُسنِهِ إزعاجا

دَرَتِ الطَّبيعَةُ أنَّ فاحِمَ شعرِه

لَيْلٌ فأذكَتْ وجنَتَيْهِ سِراجا

قلُ للفَقيهِ مقالاً ليسَ يَعدَمُ مِن

حُلْو العِتابِ ومُرِّ العَتْبِ تَمْزيجاً

إذا فطمْتَ امرأ عن عادةٍ قَدُمَتْ

فاجعَلْ لهُ يا عقِيدَ الفَضلِ تَدريجا

ولا تُعَنِّفْ إذا قوَّمْتَ ذا عِوَجٍ

فرُبَّما أعقبَ التَّقويمُ تَعْوِيجا