موسوعة قصائد واشعار الفيلسوف والشاعر ابو العلاء المعري..

تَسَوَّقوا بِالغِنا لِرَبِّهِمُ

وَأَظهَروا خَيفَةً لَهُ وَدَعوا

سَعوا لِدُنياهُم بِآخِرَةٍ

فَبِئسَ ما حاوَلوا غَداةَ سَعوا

وَخَلَّفوا العَقلَ مِن وَرائِهِم

وَاِستَودَعوا كُلَّ سَوأَةٍ فَرَعوا

وَلَم يَعوا ما يَقولُ واعِظُهُم

لَكِنَّ قَولَ المُخَرِّصينَ وَعَوا

مِثلُ تُيوسِ المَعيزِ نازِيَةً

وَلَم يُضاهوا الفُحولَ حينَ قَعوا

لَعُمرُكَ ما زَوجُ الفَتاةِ بِحازِم

إِذا ما النَدامى في مَحَلَّتِهِ غَنَّوا

أَتى بَيتَهُ بِالراحِ وَالشُربِ لاهِياً

فَإِمّا رَنوا نَحوَ الظَعينَةِ أَو زَنَّوا

رَآهُم عَلى ما يَكرَهُ الناسَ رَبُّهُم

وَعُذتُ بِهِ فيما تَمَنَّوا وَما مَنَّوا

وَدَدتُ بِعِلمِ اللَهِ أَنَّ صَحابَتي

عَلى كُلِّ حالٍ أَفرَدوني فَما ثَنّوا

إِذا كانَ سُكّانُ البِلادِ كَما هُمُ

فَلا تَحفَلَن إِن صَغَّروا اِسمِكَ أَو كَنّوا

يُنافِسُ في الدُنيا الخَسيسَةِ جاهِلٌ

رُوَيدُكَ يَذهَبُ عَنكَ عارِضُ هَذا النَو

يَسيرُ عَلى الأَرضِ الرَحيبَةِ أَهلُها

وَيُترَكُ ما شادوا هُناكَ وَما بَنّوا

كَأَنَّكَ بَعدَ خَمسينَ اِستَقَلَّت

لِمَولِدِكَ البِناءُ دَنا لِيَهوي

وَإِنَّكَ إِن تَزَوَّج بِنتَ عَشرٍ

لَأَخيبُ صَفقَةً مِن شَيخٍ مَهوِ

فَأَزمِع مِن بَني الدُنيا نِفاراً

فَإِنَّهُمُ لَفي لَعِبٍ وَلَهوِ

وَما أَنا يائِسٌ مِن أَمرِ رَبّي

عَلى ما كانَ من عَمدٍ وَسَهوِ

وَكَم مِن آكِلٍ رِزقاً هَنيئاً

وَباشَرَ غَيرُهُ عَنَتاً بِطَهوِ

العَقلُ يُوَضِحُ لِلنُس

كِ مِنهَجاً فَاِحذُ حَذوَه

وَلَيسَ يُظلَمُ قَلبٌ

وَفيهِ لِلُّبِّ جُذوَه

وَفاتَ رَكضُ المَنايا

رَكضَ القَضيبِ وَبَذوَه

الخَلقُ مِن أَربَعٍ مُجَمَّعَةٍ

نارٍ وَماءٍ وَتُربَةٍ وَهَوا

إِنَّ السُهى وَالسِماكَ ما غَفَلا

عَن ذِكرِ مَولاهُما وَلا سَهَوا

وَالنيرانِ المُواصِلانِ سَناً

إِن نَلهُ في أَرضِنا فَما لَهَوا

وَالشَمسُ وَالغَيثُ طاهِيانِ لَهُ

يُطعِمُ أَهلَ البِلادِ ما طَهَوا

لَنا خَفضُ المَحَلَّةِ وَالدَنايا

وَلِلَّهِ المَكارِمُ وَالعُلُوّ

إِذا كانَ الهَوى في النَفسِ طَبعاً

فَلَيسَ بِغَيرِ ميتَتِها سُلُوّ

وَإِن أَهَلَت دِيارٌ مِن أُناسٍ

فَسَوفَ يَمَسُّها مِنهُم خُلُوُّ

نُضَحي وَنُمسي كَبَني آدَمٍ

وَما عَلى الغَبراءِ إِلّا سَفيه

فَنَسأَلُ العالِمَ إِنقاذَنا

مِن عالَمِ السوءِ الَّذي نَحُن فيه

لا تُهادِ القُضاةُ كَي تَظلِمَ الخَ

صمَ وَلا تَذكُرَنَّ ماتُهديهِ

إِنَّ مِن أَقبَحِ المَعايِبِ عاراً

أَن يَمُنَّ الفَتى بِما يُسديهِ

لَن تَريهِ إِن كُنتِ لِما تَريهِ

ثابِتاً خاتِماهُ في خِنصِرَيهِ

لَم يَجِد عِندَ أَكبَرَيهِ سُموّاً

فَاِعتَزى فَضلُهُ إِلى أَصغَرَيهِ

ظَلَّ يَستَخبِرُ النُجومَ عَنِ الغَي

بِ فَجاءَ اليَقينُ مِن خَبَرَيهِ

قَد مَضَت عَنهُ الأَربَعونَ بِلا

حَمدٍ وَذاكَ الأَجَلُّ مِن عُمَرَيهِ

لَيسَ مِن خِلَّةِ الزَمانِ عَلى

شَيءٍ وَلَو باتَ ثالِثاً قَمَرَيهِ

قَد رَآهُ ما بَينَ مَوتٍ وَقتلٍ

هَل يَجوزُ النَجاءُ مِن قَدَرَيهِ

بِخَيفَةِ اللَهِ تَعَبَّدتَنا

وَأَنتَ عَينُ الظالِمِ اللاهي

تَأمُرُنا بِالزَهدِ في هَذِهِ ال

دُنِّيا وَما هَمُّكَ إِلّا هي