عرض مشاركة واحدة
#1  
قديم 09-22-2022, 10:22 PM
عدي بلال غير متواجد حالياً
Saudi Arabia     Male
Awards Showcase
لوني المفضل Blue
 رقم العضوية : 2019
 تاريخ التسجيل : 04-09-2022
 فترة الأقامة : 603 يوم
 أخر زيارة : 12-18-2023 (12:25 PM)
 العمر : 52
 الإقامة : ابل
 المشاركات : 5,422 [ + ]
 التقييم : 3480
 معدل التقييم : عدي بلال has a reputation beyond reputeعدي بلال has a reputation beyond reputeعدي بلال has a reputation beyond reputeعدي بلال has a reputation beyond reputeعدي بلال has a reputation beyond reputeعدي بلال has a reputation beyond reputeعدي بلال has a reputation beyond reputeعدي بلال has a reputation beyond reputeعدي بلال has a reputation beyond reputeعدي بلال has a reputation beyond reputeعدي بلال has a reputation beyond repute
بيانات اضافيه [ + ]
افتراضي النادل ( قصة قصيرة )











( النـــــــادل )
قصة قصيرة

( افق يا ولدي، سوف تتأخر عن عملك، فنجان قهوتك بجانبك، أنسيت بأنك نادل محترف كما يصفك دائماً مديرك ..؟!، قم يا ولدي، الله يرضى عليك ).

يستل رأسه من تحت الوسادةِ في كسل، ويسترق النظر في تثاقلٍ إلى الساعة المعلقة على حائط غرفته، يبتسم في سخريةٍ حين تعثر بصره في حسرةٍ ببروازٍ لشهادة هندسةٍ، تُشيرُ إلى أنه قد أنهى دراسته بتفوقٍ قبل سنواتٍ خمس.
يجلس على طرف السرير، يشعل سيجارته، ويحك رأسه في فوضويةٍ، ويتمتم بعباراتٍ ساخطةٍ على الدنيا بأسرها.

الساعة تقترب من السادسةِ مساءً، وحافلة الموظفين تنتظره منذ دقائق عشر، يقبل رأس أمهِ، ودعواتها تلاحقه كعادتها كل يوم.

عند وصول المطعم، يغلق باب الحافلة، ويخطو إلى الداخلِ في همة كعادته، بيد أن يد ( عاصم )، زميله في العمل، تناولته لحظة ولوجه، واتخذا من جانب المطعم مكاناً قصيا.

( بعد قليل، ستأتي شخصية مهمة، ومعه ابنته، هكذا سمعت المدير متحدثاً عبر الهاتف مع أحدهم، ويريد منك أن تشرف على طاولتهما، كان الله في عونك .. أتعلم ..!
سرعتك ومهارتك هما السبب، تَلقى نصيبك يا صاحبي )

يتجه ( حسان ) إلى صالة المطعم، غير مبالٍ بكلمات زميله، ويعيد ترتيب الطاولات بنفسه، ويتأكد من ترتيب الصالة، ونظافة المرايا المنتشرة بطريقةٍ هندسية.
يعاجله المدير بابتسامة الثقة في خبرته وطريقة تعامله مع الشخصيات الهامة.

يدلف من الباب رجلٌ تتجسد فيه البرجوازية، وبدلته الرمادية، ورأسه الخالي من الشعر إلاّ قليلا، يتأبط فتاة عشرينية، زادها فستانها الارجواني، وانسدال شعرها على كتفيها فتنةً وأناقة.
يستقبلهما المدير بترحابٍ مبالغ فيه على الباب، ويرمق ( حسان ) أن تقدم إلى هنا، ففعل.
طاولةٌ مستديرةٌ، وشمعةٌ قد توسطتها، وعازفٌ للبيانو وقف وانحنى في لباقةٍ لهما، وبحركةٍ تنم عن خبرةٍ، سحب الكرسي للعشرينية ..

( تفضلي )
ليعيد الكرة نفسها مع البرجوازي، ويقدم لهما قائمة الطعام، ويرجع للخلف خطواتٍ ثلاث.

النظر إلى عينيها يحتاج إلى شجاعة محاربٍ، خاض غمار حربٍ دونما استعداد، وأحلام اليقظة التي ما انفكت والدته تعاتبه عليها، تطفو إلى عينيه ووجهها الملائكي، يتهامسان، يبتسمان، يقهقهان، ولا يدري عن الأمر سببا.

يتقدم إلى الطاولة في لباقةٍ وإنصات..

( عصير طازج- وأشار إلى ابنته في تحببٍ - وزجاجة جهة باردة لي، ولحم مشوي، ومقبلات .. بسرعة لو سمحت )

( حاضر )

تناول من يده قائمة الطعام، بعد أن سجل طلباته، ودون أن ينبس ببنت شفة، واكتفى بابتسامته المعهودة، ومضى.

الوقوف عند هذه الزاوية، يتيح للنادلين مراقبة الجميع من خلال المرايا دون أن يلاحظهم أحد، ولا يزال يراقب حركاتها، و( عاصم ) منهمك في تحضير الطلبات.
أتاه بعد برهةٍ صوت صاحبه، يعيده من شروده ..

( ما رأيك أن تنسى ما تفكر به يا حسان، صدقني هؤلاء القوم لا يروننا أبداً، نحن فقط أشباه أطيافٍ في عيونهم .. افق يا صاحبي ).

لم يبالِ بكلامه وتناول الطلبات من يده، وتقدم نحو الطاولة بهدوءٍ، وبحركاتٍ استعراضيةٍ تنم عن خبرةٍ، فرش حمولته على الطاولة، فابتسمت لمهارته، وبادلها الابتسامة.
يرجع إلى زاويتهِ، ويجهل سر تعلقه بابتسامتها، يشعر للحظاتٍ بأنها تبحث بعينيها عنه، أو هكذا خُيل إليه.
يعود صوت صاحبه إليه مرةً أخرى ..

( صدقني لن يحدث أي شيء في مخيلتك، ربما يمنحك أبوها بقشيش جيد ).

يُصر أن يتجرأ للمرة الأولى في حياتهِ، ويراقب حركاتها من بعيدٍ في افتتان فاضح، وعقارب الساعةٍ تسابق الزمن دون أن يجد طريقةً لمحادثتها.
يشير البرجوازي بيده إلى ( حسان )، يبتسم له، ويضع الفاتورة في حافظةٍ جلدية أنيقة، يتقدم نحوهما، والأفكار في رأسه تتسابق.

( تفضل يا سيدي )
يتناول البرجوازي الحافظة، ويدس بداخلها فئة نقدية ذات صفرين يسبقهما خمسة، ويلتفت إلى ابنته..
( هل تريدين شيئاً آخر ..؟ )
تكتفي بابتسامة، وترفع رأسها إلى النادل، وتطلب منه ورقةً وقلم، يتناول الحافظة من يده، ويسرع الخطوات إلى ( عاصم ) في سعادةٍ وأمل.

( أريد ورقةً وقلم بسرعة، أشعر بأنها ستعطيني رقم هاتفها، بل أنا متأكدٌ بأنني قرات في عينيها حديث الغرام .. بسرعة يا رجل )

( امسك .. أنت وشأنك )

( دعني وشأني إذاً )

تقدم نحوها في لباقةٍ، ومد لها يده بما طلبت.

( ما اسمك )
( حسان )
( شكراً لك يا حسان )

ابتسم لها وانصرف متشاغلاً بترتيب الطاولات، وعيناه تسترقان النظر إليها بين الفينة والأخرى

ولمّا هما بالانصراف، رافق مدير المطعم البرجوازي، ينشُد لديه الرضا عن المكان والطعام، تاركاً إياها تدون ملاحظة أو رقماً، ليس يدري.

يشير إليها والدها بيده، فتحمل حقيبتها وتدس الورقة بداخلها، وتضع القلم على الطاولة، وتمضي نحو والدها ومدير المطعم، ونظرات ( عاصم ) تراقبه في المرآة في حسرةٍ عليه، و( حسان ) ينحسر، ويرتب أدوات الطعام على الطاولة دونما تركيز.

تتأبط يد والدها، وتُسِرُ في مسمعه ببضع كلماتٍ، فيسبقها إلى الخارج، ويتركها تحادث مدير المطعم في ودٍ ورضا.

( يا حسان، تعال لو سمحت، الآنسة تريد الحديث معك )
ثم إن المدير انصرف في تأدب.

يشعر بأن السماء استجابت لدعواته أخيراً، ويتقدم نحوها في ابتسامٍ، وعيناه لا تفارق عينيها أبدا.
( حين سألت عنك المدير، أخبرني بأنك محترف منذ فترة )

تمد يدها في باطن حقيبتها، وتخرج ورقةً نقدية، تُشبه التي رآها في الحافظة الجلدية إلاّ صفراً، وتدسها في يده، وتغيب عن العيون في لحظات.

يُقلب الورقة النقدية باطنها وظاهرها، وينظر إلى ( عاصم ) من خلال المرآة، ويُقفلُ راجعاً نحوه، يدسها في يده، ويخلع إزار النادل في هدوءٍ، وينصرف حتى يبتلعه الظلام.

تمت




 توقيع : عدي بلال

ربما يكون المشهد واحداً، لكن زاوية الرؤيا هي من تحدد هويته.

رد مع اقتباس