عرض مشاركة واحدة
#1  
قديم 05-14-2023, 02:30 PM
عطر الزنبق غير متواجد حالياً
Morocco     Female
Awards Showcase
لوني المفضل White
 رقم العضوية : 1482
 تاريخ التسجيل : 27-05-2018
 فترة الأقامة : 2183 يوم
 أخر زيارة : اليوم (01:26 PM)
 العمر : 28
 المشاركات : 100,259 [ + ]
 التقييم : 35940
 معدل التقييم : عطر الزنبق تم تعطيل التقييم
بيانات اضافيه [ + ]
افتراضي الحذر من فتنة الدنيا وغرورها.





الحذر من فتنة الدنيا وغرورها..


عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الدنيا حلوة خضرة
وإن الله مستخلفكم فيها فينظر كيف تعملون، فاتقوا الدنيا واتقوا النساء، فإن أول فتنة بني إسرائيل
كانت في النساء". رواه مسلم، وعن المسور بن شداد، قال: قال رسول اللَّه
صلى الله عليه وسلم: "ما الدنيا في الآخرة إلا كمثل ما يجعل أحدكم أصبعه في اليم
فلينظر بم ترجع؟"، وجاء في الحديث أيضًا: "الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر"، رواه مسلم.
وفي الحديث الصحيح: "لوْ أنَّ الدنيا تساوي عند اللهِ جناح بعوضة، ما سقى كافراً منها
شربة ماءٍ"، وقال يحيى بن معاذ: الدنيا خمر الشيطان، من سكر منها فلا يفيق إلا في عسكر الموتى
نادمًا بين الخاسرين، وقال بعض الحكماء: كيف يفرح بالدنيا من يومه يهدم شهره
وشهره يهدم سنته، وسنته تهدم عمره.
وكتب الحسن إلى عمر بن عبد العزيز في ذم الدنيا كتابًا طويلاً فيه: "أما بعد فإن الدنيا دار ظعن
ليست بدار مقام، فاحذرها يا أمير المؤمنين، فإن الزاد منها تركها، والغنى فيها فقرها، تذل من أعزها
وتفقر من جمعها، كالسم يأكله من لا يعرفه وهو حتفه، فاحذر هذه الدار الغِرارة الخيالة الخداعة
وكن أسرَّ ما تكون فيها، احذر ما تكون لها، سرورها مشوب بالحزن، وصفوها مشوب بالكدر
فلو كان الخالق لم يخبر عنها خيرًا، ولم يضرب لها مثلاً لكانت قد أيقظت النائم، ونبهت الغافل
فكيف وقد جاء من اللَّه عز وجل عنها زاجر، وفيها واعظ، فما لها عند اللَّه سبحانه قدر ولا وزن.
ولقد عرضت على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم مفاتيحها وخزائنها، لا ينقصه عند اللَّه جناح بعوضة
فأبى أن يقبلها، وكره أن يحب ما أبغض خالقه، أو يرفع ما وضع مليكه، زواها اللَّه عن الصالحين اختيارًا
وبسطها لأعدائه اغترارًا، أفيظن المغرور بها المقتدر عليها أنه أكرمَ بها؟ ونسي ما صنع اللَّه بمحمد
صلى الله عليه وسلم حين شد على بطنه الحجر، واللَّه ما أحد من الناس بسط له في الدنيا، فلم يخف
أن يكون قد مكر به، إلا كان قد نقص عقله، وعجز رأيه، وما أمسك عن عبد فلم يظن
أنه قد خير له فيها، إلا كان قد نقص عقله وعجز رأيه".
وقال ابن القيم: "الناس منذ خلقوا لم يزالوا مسافرين، وليس لهم حط عن رحالهم إلا في الجنة أو النار
والعاقل يعلم أن السفر مبني على المشقة وركوب الأخطار، ومن المحال عادة أن يطلب فيه نعيم
ولذة وراحة إنما ذلك بعد انتهاء السفر، ومن المعلوم أن كل وطأة قدم أو كل آن من آنات السفر
غير واقفة ولا المكلف واقف، وقد ثبت أنه مسافر على الحال التي يجب أن يكون المسافر
عليها من تهيئة الزاد الموصل وإذا نزل أو نام أو استراح فعلى قدم الاستعداد للسير".
هذه حقيقة الحياة الدنيا، والذي لا يعرف هذه الحقيقة عنها مغرور هالك، لأن الكمال فيها عزيز
والنعيم الدائم فيها محال، وأهل الآخرة فيها غرباء، وأهل الباطل والعنت بها أشقياء، ولهذا
أعد الله – تبارك وتعالى - أعظم وأكمل وأتم نعيم خلقه الله وأوجده لعباده المؤمنين المتقين
وأولياءه الصالحين المصلحين، وأحبابه المحبين الصابرين، ألا وهو نعيم الجنة دار السلام، نعم دار السلامة
والسلام، والنعيم والإنعام، والخلود والإكرام، فهي دار طهرها الله وسلمها من كل آفة ومرض
وكل هم وحزن وكدر، وسلمها من كل العاهات والبليات والمحرمات.

الشيخ عاطف عبدالمعز الفيومي






رد مع اقتباس