عرض مشاركة واحدة
#1  
قديم 11-22-2020, 03:15 AM
عطر الزنبق متواجد حالياً
Morocco     Female
Awards Showcase
لوني المفضل White
 رقم العضوية : 1482
 تاريخ التسجيل : 27-05-2018
 فترة الأقامة : 2165 يوم
 أخر زيارة : 04-23-2024 (02:03 AM)
 العمر : 28
 المشاركات : 99,288 [ + ]
 التقييم : 34900
 معدل التقييم : عطر الزنبق تم تعطيل التقييم
بيانات اضافيه [ + ]
افتراضي تأويل النص القرآني وأهمية علم أسباب علم النزول...




تأويل النص القرآني وأهمية علم أسباب علم النزول.


نزال في هذه المرحلة الحساسة من تاريخ الأمة نشتبك مع الكثير من القضايا الأهم التي أدت إلى زعزعة الكثير من القواعد التي كانت تستند إليها الحركة الإسلامية، سواء على المستوى المجتمعي والجماهيري أو المستوى السياسي.

ومن بين هذه الأمور قضية التكفير التي تصدينا لها أكثر من مرة من خلال هذا الفضاء.

وقضية التكفير متشعبة ومتنوعة الاتجاهات، فهناك بعض التأويلات والكتابات التي تتصل بعدد من الأمور الفقهية، مثل ما يتصل بتوصيف غير المسلمين، وكيف يتم تحويلها إلى مادة إعلامية للتشويش على مفهوم مصطلح أن هذا الشخص أو هذه الحركة تُصنَّف تحت بند "إسلامي".

أما الشق الأهم من قضية "التكفير" هو شيوع بعض الأدبيات التي تنشرها بعض الحركات التي يصنفها البعض على أنها ضمن "الحركة الإسلامية"، والتي تبرر العمليات التي تتم بحق بعض الفئات التي منع الإسلام استهدافها، مثل المستأمنين والأطفال وغير المسلمين من غير المحاربين.

ولعل هذَيْن الشقَّيْن هما من أهم ما يتم الاستناد عليه حاليًا من جانب خصوم الحركة الإسلامية في الدعاية السلبية ضد الحركة، وتسعى إلى خلق صورة ذهنية سلبية عنها لدى المجموع العام.

ولعل هذه المشكلة تعود في جانب كبير منها إلى بعض الأمور المتعلقة بضعف الجانب الشرعي في تناول بعض الأحكام التي وردت في القرآن الكريم وآياته، أو ما ورد في السُّنَّة النبوية الشريفة.

ففي حالة السُّنَّة النبوية الشريفة؛ أبرز الأخطاء، هو تعميم بعض المواقف التي تدخل في باب الاستثناء، باعتبارها قاعدة شرعية راسخة بالمعنى العلمي، بينما الاستثناء لا يتم اعتباره قاعدة.

أما في حالة القرآن الكريم؛ فإن هناك الكثير من الأحكام التي يتم إسقاطها على الواقع من دون كامل تدقيق في الاعتبارات التي يجب أن تتم مراعاتها عند إسقاط حكم قرآني على واقعة بعينها.

ويُعتبر ذلك من بين أهم العوامل التي قادت إلى شيوع الفكر التكفيري الذي صبغ بناء على رؤية غير متكاملة لتفسير آيات القرآن الكريم.
ومن بين أهم القواعد الأساسية في هذا الصدد، هو أن القرآن الكريم يفسِّر نفسه؛ حيث إن هناك تفسير لبعض الآيات يجب أن يُستكمَل من آيات أخرى، بالإضافة إلى تتبع زمن نزول بعض الآيات؛ حيث نُسِخَت بعض الأحكام في آيات وسُوَرٍ تالية، ولكن شاءت حكمة الله تعالى الإبقاء عليها في متن القرآن الكريم.

وينتظم ما سبق، مع أمور أخرى في إطار ما يُعرف بعلم أسباب النزول، الذي يُعتبر من بين أهم العلوم التي ينبغي أن يكون الفقيه أو المفكر الإسلامي على وعي وإدراك بها في هذا المجال، بينما هو للأسف من العلوم المُهْمَلة لدى الكثير من الحركيين الذين لم يتلقوا العلم الشرعي الكافي، وبرغم ذلك يخاطبون الشباب والأجيال الجديدة بخطاب يستند إلى النصوص المقدسة، سواء في القرآن الكريم أو صحيح السُّنَّة النبوية الشريفة.

ويعرَّف علم أسباب النزول أو تفسيرها؛ أو ما يُعرف بشأن النزول، على أنه أحد العلوم الشرعية التي تهتم بمعرفة أسباب نزول آيات القرآن الكريم المختلفة، وكذلك القضايا والحوادث والأمور المتعلقة بها، ووقت ومكان نزول آية قرآنية بعينها.

وتأتي أهمية هذا العلم – المتشعِّب كما رأينا – من أنه أداة لا غنىً عنها لفهم القرآن الكريم فهمًا صحيحًا، وبالتالي؛ تسهِّل من عملية حفظه والتَّثبُّت من معناه؛ حيث يجري ربط الأحكام بالوقائع والشخوص، وكذلك الأزمنة والأمكنة ذات الصلة بالحدث القرآني - لو صح التعبير - وهو ما يقود – بشكل دقيق – إلى معرفة حكمة الخالق عز وجل من آية بعينها، وخصوصًا في آيات الأحكام والتشريع.

وأهمية ذلك تعود إلى أن القرآن الكريم وأحكامه لا تقتصر على الواقعة التي نزل فيها، ولا على زمنها، وإنما تمتد هذه الأحكام إلى مختلف الفترات الزمنية التالية، إلى أن يشاء الله تعالى أن يرفعه من صدور الناس في نهاية الزمان.



وبالتالي؛ فإن تدقيق الأحكام وأسباب نزولها أمر شديد الأهمية؛ بل هو أساس عملية إسقاط حكم شرعي ورد في القرآن الكريم على حالة بعينها.

في المقابل؛ فإننا لا نجد هذا الأمر واضحًا عند الكثير من الكُتَّاب والمفكرين، وزاد من مستوى الفوضى في هذا المجال، هو قيام بعض الشباب المنتمي إلى الحركة الإسلامية عن قناعة فكرية، باستخدام آيات القرآن الكريم في الأدبيات الخاصة به، سواء على وسائط التواصل الاجتماعي، أو على القنوات الفضائية.

وفي ظل الحماسة التي أفرزتها الحروب الراهنة التي تواجه الحركة الإسلامية؛ صار من السهل وضع نصوصٍ قرآنية في حالات لا علاقة لها بها، وفق علم أسباب النزول بطبيعته الشاملة المُشار إليها.

فصارت آيات القتال والجهاد والابتلاء، يتم استخدامها بغير حساب دقيق، بالرغم من خطورة الأحكام التي تتضمنها.

وفي ظل وجود التباسات عديدة في الأمور أمام الجمهور العام؛ فإن الكثير من الذين أيدوا هذا الفعل أو ذاك من جانب حكومة أو نظام من حكومات وأنظمة عالمنا العربي التي تمارس القمع بحق شعبها؛ تم وضع الكثير من شرائح هذه المجتمعات ضمن سياقات مجاهدة الظالمين، من دون أي تمييز أو دراسة للحالات المعروضة.

بل إن بعض الحركات الإسلامية، بالذات الوسطية المعتدلة، التي تحمل مشروعًا متكاملاً للإصلاح ورؤية متكاملة للتغيير الاجتماعي والسياسي بالطريقة المتدرجة التي جاءت عليها سنوات البعثة النبوية؛ وضعت في خانة التكفير من جانب بعض الجماعات الأخرى الأكثر تطرفًا أو تشددًا بحسب التوصيفات الإعلامية، لمجرَّد أن هذه الحركة أو تلك؛ لا تؤيد العنف أو العمل المسلح كوسيلة للتغير، وتعتبر هذه الحركات المتطرفة، ذلك الموقف من جانب الحركات الإسلامية الوسطية، ميلاً "للكافرين"، وتحرُّفًا عن فريضة الجهاد، بينما الجهاد أبوابه واسعة بنَصِّ القرآن الكريم نفسه.

ولعل من بين أهم القضايا الخلافية في هذا الصدد، المسارات العملية المطلوبة للوصول إلى حلم "الخلافة الإسلامية".





رد مع اقتباس