أقول :إنه كما تصنع الأواني اليوم من مادة المطاط ,بعد وضع مادتها الخام في جرة ,فتذوب, ثم تصب في حفر أعدت على أشكال الأواني ,ليستنتج منها الابريق والقدح والكأس وغير ذلك من الأدوات التي تعرض في السوق للبيع ,هكذا اخذوا يصنعون الإنسان !يصنعون الجيل!, تعقد جلسة مشتركة لعالم النفس وعالم الاجتماع والمؤرخ وعالم الاقتصاد وخصيص التربية والتعليم ,يجلس هؤلاء معا, يتذاكرون فيما بينهم تمدهم الثروة ,وتساندهم القوة ,ويطلب منهم:
-خططوا!
-سمعا وطاعة ,لكن ,أي إنسان تريدون ؟تفضلوا كي نعمل!
-نريد في هذا المجتمع ,الافريقي أو الآسيوي أو الأمريكي اللاتيني ,جيلا غير قديم ,لا يكون أبله ُيخضب رأسه بالحناء ,لكن ليس عندنا حناء لدينا ,أدوات الزينة ,نريد ان نوزعها هناك فلا يبقى منها شيء ,نعم!نريد جيلا لطيفا ظريفا جميلا ,عاريا من الشعور تماما حسب المقاييس العالمية نعم هذا الذي نريده أكثر ولا أقل!
-سمعا وطاعةسيكون بعد أربع سنوات جاهزا,ونضعه في تصرفكم!وفجأة ,وخلال عشر سنوا ت من سنة 1945إلى سنة1955,ترى أن مقدار أدوات الزينة الأوروبية ولوازمها قد ارتفع في طهران إلى 500ضعف.
-جيد, كيف نصنع هذا الجيل؟
-نحتاج إلى جيل يرفض الشكل القديم للحياة ,وينكره ,ذي فكر جديد ,لكن ,بالقدر المعتاد لا أكثر ,لأنه إذا ازداد تجدد فكره ذروة واحدة سيكو مضرا, والمطلوب أن يكون له طبع لطيف فلا يشرب اللبن ,بل يشرب...الكوكاكولا.
إلى هذا الحد فقط ,وإذا تجاوز هذا المقدار فإنه يسبب لنا المخاطر والمشاكل ,ويحملنا المبالغ الكبيرة نعم,هذا المقدار يكفي, يكفي أن يتجدد إلى حد يكون معه لطيفا ,فيخلع الأزياء القديمة ,ويلقيها في سلة النسيان لكن,لا يتجاوز شعوره إلى حد يجعله يبتدع أو يختار لون أزيائه من تلقاء نفسه.كأهم يقولون:إن الأمر لا يرتبط بك ,فأنت لست إنسانا كي تختار !!!!
( علي شريعتي-كتاب النباهة والاستحمار-)