الموضوع: عنجهية الانسان
عرض مشاركة واحدة
قديم 09-14-2019, 02:10 PM   #2


الصورة الرمزية عطر الزنبق
عطر الزنبق متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1482
 تاريخ التسجيل :  27-05-2018
 العمر : 29
 أخر زيارة : اليوم (02:24 AM)
 المشاركات : 100,700 [ + ]
 التقييم :  35940
 الدولهـ
Morocco
 الجنس ~
Female
 MMS ~
MMS ~
 Awards Showcase
لوني المفضل : White
افتراضي



السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

والدي الحبيب ..... هناك فئة من البشر تحافظ على
فطرتها ووداعتها وخيرها، غير أن الفئة الغالبة في بني البشر
هي صفة التحول والتبدل إلى درجة قد تصل إلى حد
التوحش والهمجية..
وهذه الصفة قد يتفرد بها الإنسان دونما الكائنات الحية
الأخرى، فتلك الكائنات تولد بطبيعتها ولا تتبدل إلا فيما
يقبل التدريب والترويض، وإن كان ترويضا لا يخرجها من
طبيعتها بقدر ما يجعلها قادرة على شبه التفاهم الضيق مع
الإنسان..
أما الغالب فيها فتولد وتكبر على ماهيتها الأولى..
فابن الأسد يحاول الافتراس والصيد منذ أيامه الأولى،
وفراخ الصقور تختلف بطبيعتها عن فراخ الحمام والدجاج..
أما الإنسان فهو متطور منذ ولادته إلى موته يتطور ويتبدل.
ويعني ذلك التطور الإدراكي، وربما أن نزعة حب التملك
والسيطرة، والتحكم، والاستجابة لنزعات الشهوة والرغبة
وراء تحولاته الدائمة..
والإنسان في نموه يستفيد من تجارب وسلوك الكائنات
الأخرى من حوله فهو يحاول أن يقلد الأسد في شجاعته،
والذئب في إفساده، والثعلب في مكره، والصقر في
شموخه، والجمل في تحمله، والحصان في كبريائه،
والثعبان في إماتته..
بينما تلك المخلوقات تمارس أفعالها بلا قصد للخطيئة..
فضلاً عن استفادة الإنسان من معطيات الطبيعة؛ حيث
يوظف كل تلك الأشياء في سبيل الوصول إلى غاياته
وأهدافه، وهكذا يبدأ الإنسان يخرج من فطرته من حيث
يشعر أو من حيث لا يشعر إلى أن ينسلخ من إنسانيته
الأولى أو يكاد..
ومنذ الأزل والفلاسفة يحاولون تعديل سلوك الإنسان،
ومحاولة سد كل الذرائع، كي لا يخرج من شرنقة
الإنسانية، ولكن أولئك فشلوا في مجمل محاولاتهم..
وقد جاء الدين ليرتقي بالإنسان من انحطاط المعاش
الجسدي إلى التسامي به نحو أعلى درجات النقاء
والسلوك الروحي، المتمثل في عبادة الله، كي تكون رسالته
فوق صغائر الحياة الفانية والتي يعيشها ولا يعي نهايتها
البائسة..
فهو يولد كي يموت، وهو دائماً يذرف الدموع على
الموتى، ويمشي وراء الجنائز، ومع هذا يزداد في طغيانه
وتجبره وتعاليه..
غير أن الإنسان في كثير من الأحيان يتمرد على التعاليم
الدينية النقية التي ترفعه إلى درجة الاتصال بخالقه، فلا
يجزع ولا يخاف ولا يخضع لأي مخلوق إلا لخالقه، فيكبر
في ذات نفسه، ويتجنب الشطط والميل إلى نزعة الشر
والإفساد في الأرض أو الرياء، والمداهنة، والنفاق..
ورغم التطور الإنساني الذي وصل إليه في الصناعة
والابتكار إلا أنه يزداد طمعا وجشعا، وتزداد لديه نزعة
التملك والاستحواذ والاستبداد، بل وسفك الدماء فسخر
هذه الصناعة في كثير من الأحيان لتحقيق رغباته، وأهوائه،
ومطامعه، التي لا تنتهي إلى حد، بل ربما أن التطور
الصناعي أو الحضارة الصناعية أتى على البقية الباقية من
الفضيلة الإنسانية..
فالملاحظ أن الإنسان يتقدم صناعيا في كل شيء بشكل
تصاعدي ولكنه في المقابل ينحدر أخلاقيا بشكل تهابطي
سريع.. فنرى أن الأخلاق، والمثل، والفضائل الإنسانية،
تنحدر يوماً بعد يوم.
لقد خلق الله الإنسان وجعله متغيرا متباينا في سلوكه مختلفا
في مزاجه وأهوائه، وزوده بعقل يحكم هذه الأهواء، وطلب
إليه المحبة والشفقة والرحمة والإنصاف والعدل في
الأرض، ونهاه عن الإيغال وراء شهوات النفس ورغباتها التي
تقوده إلى الجهالة والعمى.. الجهالة بالحق الإنساني
والعمى عن فعل الخير وفعل العدل ومحاربة الظلم
والجور..
غير أن الإنسان يبتعد بفطرته من تلقاء نفسه منبهرا بما
حوله من زخرف الحياة ومتاعها ولذتها منحرفا بتكوينه
الإنساني ومن نقائه وبراءته إلى الهمجية والشذوذ والقتل
والإبادة..
متحولا من فراشة جميلة إلى دودة ضخمة تأكل كل ما
حولها حتى تموت فيخرج منها دود يأكلها..


 
 توقيع : عطر الزنبق









رد مع اقتباس