هوس الهواتف النقالة...

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته



هذا المقال كتبه
عبدالقوي القدسي

الهواتف الحديثة إحدى أهم إفرازات التكنولوجيا، وشبكة الإنترنت
هي روح تلك الأجهزة وقلبها النابض.
أضحت الكرة الأرضية قرية صغيرة، وأصبحت المعلومة في متناول اليد،
وأخبار العالم تصل فور حدوثها، والتحويلات المالية وفواتير الماء والكهرباء وغيرها،
والمعاملات التجارية يمكن القيام بها عبر الهاتف المحمول.
أصبح "الهاتف الذكي" أحد ضروريات الحياة للإنسان المعاصر،
وجزءاً لا يتجزأ من حياته، ولا يتصور الاستغناء عنه، فشؤون يومه مرتبطة به،
وحركته مرهونة بالإنترنت الذي يَسْري سريان الروح فيه.
"هوس الهواتف الحديثة"، هذه العبارة تحمل معناها في تركيبها،
فقد تحول استخدام الهاتف الحديث - هَوَساً، وتجاوز المعقول
ليتحول لدى البعض إلى وسيلة دمارٍ لا عَمار، وإلى مِعولِ هدمٍ لا بناء .
أصبح البعض مشدوهاً ، لا يكاد يفارق الهاتف، في الطريق يراسل أصدقاءه،
ويقود السيارة وقلبه معلق بهاتفهِ، فيدٌ على المِقود وأخرى على الهاتف، وعينٌ على الطريق وأخرى على الشاشة.
ألا يتصفّح البعض رسائل الهاتف في دورات المياه، وفي السُّلم وأثناء ذهابه لقضاء الحاجة أو العمل؟!!
ولربما ارتطم أحدنا بجذع شجرة أو وقع في حفرة بسببه هاتفه الذكي؟!!!
كنتُ مُتلهفا للقاء أحد الأصدقاء، وأثناء حديثنا كان صديقي مشغولاً بهاتفه،
فما إن ينهي مكالمة حتى يبدأ بأخرى، فإن لم يجد متصلاً حرَّك أنامله خلسة ليجري اتصالاً أو يرسل شيئاً!!
وصديقي تارة يقول لي :"عفواً"، وتارة أخرى يطرق سمعي بقوله:" ولو سوء أدب" ، لقد كان لقاء بائساً حقاً !!
ألم يحدث يوماً أن تشاجرتَ مع زوجتك بسبب الاستخدام المُفرط للهاتف؟!!!
ألا تنظر الزوجة بغيرة تجاه هاتفك، وتعتبره "الزوجة الأولى" لك؟!!
ألم تشاهد أحدهم ما إن يختم صلاته حتى يسارع للنظر في هاتفه؟!!
ألا تفسد بعض الأطعمة أحياناً وتسوء العلاقة الأسرية بسبب انشغال المرأة بالهاتف المحمول؟!
كم من الوقت نقضيه للرد على التعليقات، والمهاترات؟
وكم من الوقت نُهدره في القيل والقال؟!
ناهيك عن سوء الفهم الذي ينتج عن الشجار في إحدى وسائل التواصل كالفيس بوك أو الواتس آب .
الهاتف المحمول وشبكة الإنترنت نعمة، لكنها تتحول -عند سوء استخدامها- إلى نِقمة.
الإسراف في استخدام الهاتف المحمول يؤثر على السمع تدريجيًا،
والتصفح في الظلام يؤذي البصر، والكارثة أن ينام البعض وسماعة الهاتف على أذنه،
والهاتف على صدره او بجوار وسادته،
ولا يدرك الآثار الخطيرة على صحته.
لو تُرك المجال للأبناء لقضوا يومهم وليلهم مع الهاتف،
ولاتخذوا كل شيء وراءهم ظهرياً، والأخطر أنهم قد يكتسبون
- عن طريقها- أخلاقا ً غريبة على المجتمع والدين، والقيم على مرأى منا ومسمع.
هل يمكن أن نبدأ بخطوات عملية للتخفيف من فرط الاستخدام للهاتف المحمول ، ومن ذلك :
ظ،-عدم استعماله مطلقاً في الطريق، وأثناء قيادة السيارة.
ظ¢-عدم التصفح في الظلام.
ظ£- إغلاق الهاتف أثناء النوم أو وضعه في مكان بعيد.
ظ¤- عدم استخدام الهاتف عند الحديث مع شخص آخر، أو أثناء نقاش موضوع .
ظ¥- إغلاق الهاتف أثناء الخروج العائلي للنزهة أو الجلوس الأسري أو مع الأصدقاء.
ظ¦- تحديد أوقات معيَّنة لاستعراض رسائل المجموعات والتعليق على بعضها إن اقتضى الأمر.
ظ§-استخدام سمَّاعة طبية أو الحديث عن طريق مكبر الصوت.
ظ¨- عدم استخدام الهاتف أثناء الشحن.
إن إعادة ترتيب الحياة بين الحين والآخر وتعديل المسار هو دأب الناجحين،
وما أجمل كلمات الغزالي- رحمه الله- إذ يقول في كتابه "جدد حياتك" :
"ما أجمل أن يعيد الإنسان تنظيم نفسه بين الحين والحين،
وأن يرسل نظرات ناقدة في جوانبها ليتعرف عيوبها وآفاتها،
وأن يرسم السياسات قصيرة المدى وطويلة المدى ليتخلص من هذه الهَنّات التي تُزري به.


أعجبني جدا فنقلته لكم..

اقتباس:



المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نهيان