السلام عليكم، إخوتي، النفس الذي أوردها الله تعالى في القرآن نكرة:(ونفس)، مارد جبار ما لم تلجم وتزكى تخلية وتحلية، وأكثر شيء تجنح فيه النفس وتجمح، الحرص والطمع، لذلك بصيرتنا في ذلك وصية سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذ قال لأبي هريرة رضي الله عنه فيما رواه الترمذي وأحمد:{فعن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:من يأخذ عني هؤلاء الكلمات فيعمل بهن أو يعلم من يعمل بهن، فقال أبو هريرة فقلت:أنا يا رسول الله فأخذ بيدي فعد خمسا، وقال اتق المحارم تكن أعبد الناس، و"ارض بما قسم الله لك تكن أغنى الناس"، وأحسن إلى جارك تكن مؤمنا، وأحب للناس ما تحب لنفسك تكن مسلما، ولا تكثر الضحك فإن كثرة الضحك تميت القلب}.. نعم ارض بما قسم الله لك تكن أغنى الناس، لذلك قال بعض الحكماء: الدنيا ساعة فاجعلها طاعة... والنفس طماعة عودها القانعة، وقال البصيري: النفس كالطفل إن تهمله شب على حب الرضاع... وإن تفطمه ينفطم، نعم إخوتي الحرص الزائد على الحد المقبول شرعا مصيبة، إذ قد يؤدي إلى الوقوع في الحرام بأشكاله وأنواعه وأخطرها تربع الدنيا في القلب وخراب السريرة وفساد الدين، وبصيرتنا قول نبينا عليه وآله الصلاة والسلام:{ما ذئبان جائعان أرسلا في غنم بأفسد لهما من حرص المرء على المال والشرف لدينه} أخرجه الترمذي وأحمد، وقال سيدنا علي رضي الله عنه: احتج إلى من شئت تكن أسيره، واستغن عمن شئت تكن نظيره وأحسن إلى من شئت تكن أميره... وقد تنبه العلماء والدعاة والمربون لأمر الطمع والحرص وحذروا منه، ومن أجمل ما قرأت من الشعر في شأن الطمع ما خطه أبوالعتاهية رحمه الله، إذ أنشد قائلا:
الحِرْصُ لُؤمٌ، وَمِثْلُهُ الطّمَع***مَا اجتمعَ الحِرْصُ قَطُّ والوَرَع
لَوْ قنعَ النَّاسُ بالكفافِ إذَاً***لا تّسَعُوا في الذي بهِ قَنِعُوا
للمَرْءِ فيمَا يُقيمُهُ سَعَة***لَكِنّهُ ما يُريدُ ما يَسَعُ
يا حالِبَ الدّهرِ دَرَّ أشْطُرِهِ***هلْ لكَ فيما حَلَبْتَ مُنتَفَعُ؟