عرض مشاركة واحدة
قديم 01-26-2021, 02:06 PM   #33


مديح ال قطب غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1751
 تاريخ التسجيل :  06-03-2020
 أخر زيارة : 08-13-2021 (12:56 PM)
 المشاركات : 34,369 [ + ]
 التقييم :  22241
 الدولهـ
Egypt
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Coral
افتراضي




















سورة المائدة

تعريف بالسورة
سورة مدنية
من السور الطول
عدد آياتها 120 آية
هي السورة الخامسة من حيث الترتيب في المصحف الشريف
نزلت بعد سورة الفتح
تبدأ السورة بأحد أساليب النداء " يا أيها الذين آمنوا " .

سبب التسمية

سميت بسورة المائدة وهي إحدى معجزات سيدنا عيسى عليه السلام إلى قومه عندما طلبوا منه أن ينزل الله عليهم مائدة من السماء يأكلون منها وتطمئن قلوبهم .

أسباب نزول سورة المائدة :
قوله تعالى: ( لا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ ) الآية 2.
قال ابن عباس: نـزلت في الحطم - اسمه شريح بن ضُبَيِّعـة الكِندي - أتى النبي صلى الله عليه وسلم من اليمامة إلى المدينة، فخلّف خيله خارج المدينة ودخل وحده على النبي عليه الصلاة والسلام، فقال: إلام تدعو الناس؟ قال: "إلى شهادة أن لا إله إلا الله، وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة"، فقال: حسن، إلا أن لي أمراء لا أقطع أمرًا دونهم، ولعلي أسلم وآتي بهم، وقد كان النبيّ صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه: "يدخل عليكم رجل يتكلم بلسان شيطان"، ثم خرج من عنده، فلما خرج قال رسول الله عليه الصلاة والسلام: "لقد دخل بوجه كافر وخرج بعقبي غادر، وما الرجل بمسلم"، فمرّ بسرح المدينه فاستاقه، فطلبوه فعجزوا عنه، فلما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم عام القضية سمع تلبية حجاج اليمامة، فقال لأصحابه: "هذا الحُطَم وأصحابه"، وكان قد قلد هديًا من سرح المدينة وأهداه إلى الكعبة، فلما توجهوا في طلبه أنـزل الله تعالى: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ ) يريد: ما أشعر الله، وإن كان على غير دين الإسلام.

وقال زيد بن أسلم: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه بالحديبية حين صدَّهم المشركون عن البيت، وقد اشتد ذلك عليهم، فمرّ بهم ناس من المشركين يريدون العمرة، فقال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صُدُّ هؤلاء كما صدنا أصحابهم، فأنـزل الله تعالى: ( لا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلا الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلا الْهَدْيَ وَلا الْقَلائِدَ وَلا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ ) أي ولا تعتدوا على هؤلاء العمار إن صدكم أصحابهم.

قوله تعالى: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ) الآية 3.
نـزلت هذه الآية يوم الجمعة، وكان يوم عرفة بعد العصر في حجة الوداع سنة عشر، والنبيّ صلى الله عليه وسلم واقف بعرفات على ناقته العضباء.
أخبرنا عبد الرحمن بن حمدان العدل قال: أخبرنا أحمد بن جعفر القطيعي قال: حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: حدثني أبي قال: حدثنا جعفر بن عون قال: أخبرني أبو عميس، عن قيس بن مسلم، عن طارق بن شهاب قال: جاء رجل من اليهود إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال: يا أمير المؤمنين إنكم تقرءون آية في كتابكم لو علينا معشر اليهود نـزلت لاتخذنا ذلك اليوم عيدا، فقال: أيّ آية هي؟ قال: ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي ) فقال عمر: والله إني لأعلم اليوم الذي نـزلت فيه على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، والساعة التي نـزلت فيها على رسول الله صلى الله عليه وسلم عَشِيَّة يوم عرفة في يوم جمعة. رواه البخاري عن الحسن بن صباح. ورواه مسلم عن عبد بن حميد، كلاهما عن جعفر بن عون.

أخبرنا الحاكم أبو عبد الرحمن الشاذياخي قال: أخبرنا زاهر بن أحمد قال: أخبرنا الحسين بن محمد بن مصعب قال: حدثنا يحيى بن حكيم قال: حدثنا ابو قتيبة قال: حدثنا حماد عن عمار بن أبي عمار قال: قرأ ابن عباس هذه الآية ومعه يهودي: ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسْلامَ دِينًا ) فقال اليهودي: لو نـزلت هذه الآية علينا في يوم لاتخذناه عيدًا، فقال ابن عباس: فإنها نـزلت في عيدين اتفقا في يوم واحد يوم جمعة وافق ذلك يوم عرفة.
أهم محاور السورة:
- المحور الأول: أمره تعالى المؤمنين بملازمة طريق الوفاء في العقود، والمواساة في المعاملات، والمحافظة على العهود، والإحسان إلى الخلطاء، والاكتفاء بالطيبات من المآكل والمناكح لإقامة أسس الحياة، من غير تجاوز لما أحل الله تعالى إلى ما حرم، أو تقصير فيما فرض، أو تعد على ما حد{ياأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ أُحِلَّتْ لَكُم بَهِيمَةُ الأَنْعَامِ إِلاَّ مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنتُمْ حُرُمٌ إِنَّ اللّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ} (آية:1).

- المحورالثاني: الأمر بإجلال حرمات الله تعالى وتعظيم شعائر دينه، وإفشاء العدل في معاملة عباده، فهو الذي أكمل دينه وأتم نعمته {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُحِلُّواْ شَعَآئِرَ اللّهِ وَلاَ الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلاَ الْهَدْيَ وَلاَ الْقَلآئِدَ وَلا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّن رَّبِّهِمْ وَرِضْوَانًا وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُواْ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَن صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَن تَعْتَدُواْ وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} (آية:2).


- المحور الثالث: لما كانت الصلاة أول بنود الميثاق المأخوذ على بني إسرائيل، والتي لم يرعوها حق رعايتها، جعلها الله تعلى من أعظم شعائر هذه الأمة المجتباة، فحدد أحكام الطهارة الواجبة لها بعد أن ذكر الطيبات من الأطعمة والمناكح لبيان الارتباط الوثيق بين هذه الطيبات وطهارة الروح والبدن؛ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَينِ وَإِن كُنتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُواْ وَإِن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاء أَحَدٌ مَّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاء فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم مِّنْهُ مَا يُرِيدُ اللّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ وَلَـكِن يُرِيدُ لِيُطَهَّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} (آية:6).


- المحور الرابع: اقتضاء الميثاق المأخوذ على أهل الإيمان بالله تعالى المؤلهين له وحده أن يجسدوا قيم العدل ويبذلوه للعدو والصديق، تلك القيم المثمرة للاستقامة على الحق والحكم والأمر به، اعتصاما من الظلم وتحصنا من اتباع الهوى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} (آية:8).



- المحور الخامس: تذكيره تعالى لعباده المؤمنين بآلائه ونعمه عليهم في شرعه لهم هذا الدين العظيم، وإرساله إليهم هذا الرسول الكريم وما أخذ عليهم من العهد والميثاق في مبايعته على متابعته ومناصرته ومؤازرته، والقيام بدينه وإبلاغ شرعه، كما ذكرهم جل شأنه بقبوله منهم الطاعة والإنابة بعد أن رغبهم في قبُول التكاليف وترك العصيان، وامتن عليهم بحفظه لهم من شرور الأعْدَاء الذين يُرِيدُونَ إيْقَاعَ الْبَلاَء بِهِمْ، فكلأهم تعالى برعايته ومنع أعداءهم من إيصالِ الشَّرِّ إلَيْهِمْ، وحثهم على التوكل عليه سبحانه {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَن يَبْسُطُواْ إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنكُمْ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} (آية:11).

- المحور السادس: إن قسوة القلوب من أشر ما يفتك بشعب الإيمان؛ لما تسببه من البعد عن الله عز وجل، تلك القسوة التي حلت ببني إسرائيل حين أعرضوا عن منهج الله تعالى فحاقت بهم لعنته بعدما أدمنوا نقض العهود وتوارثوه، فأراد جلت عظمته لهذه الأمة أن تبتغي وسيلة ترقق القلوب وتعين على الوفاء بالعهود وتقوي نوازع الإيمان، فدعاها إلى التقوى والجهاد في سبيل إعلاء كلمته ونصرة دينه {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَابْتَغُواْ إِلَيهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُواْ فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (آية:35).

- المحور السابع: الدعوة إلى أن تكون للمسلمين هوية خاصة بعيداً عن التقليد الأعمى لليهود والنصارى، وقصدا إلى وصدا باب موالاتهم حذر تعالى عباده المؤمنين بعدما بيَّن لهم أحوال أولائك وما لهم من ذميم الصفات وخسيس الفعال، من اتخاذهم لهم أولياء. ذلك أنهم الأعداء على الحقيقة ولا يبالون بضر المسلمين، بل لا يدخرون من مجهودهم شيئا لإضلالهم، فلا يتولاهم إلا من استحب الكفر على الإيمان، وتربية القرآن للمسلم على شخصيته المتميزة تأبى له ذلك، وترسيخا لقيم التميز تلك طفقت السورة تبصر المؤمن بعيوب أعدائه وتكشف له حقائقهم، وتجلي له حقيقة المعركة التي يخوضها معهم ويخوضونها معه، وتبين له أنهم لم يعادوه إلا لعقيدة ولم يحاربوه إلا لدين، لا من أجل أرض أو مصالح اقتصادية، إنما هو عداء العقيدة الذي لا يهدأ ولا يتوقف {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ } (الآيات:51-53).

-المحور الثامن: إخباره تعالى للمؤمنين أنهم إن ارتد بعضهم فإن خزائن الله تعالى تعج بمن هم أفضل وأجل في حميد خصالهم وكريم فعالهم من المرتدين، فمن كمال صفات البدل ذلهم للمؤمنين، وتواضعهم لهم وحنوهم عليهم، وقسوتهم على الكافرين وشدتهم عليهم {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لآئِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} (الآية:54).

أهم محاور السورة

- المحور التاسع: بعد وعيد الله تعالى للذين ينقضون العهود بالاستبدال بغيرهم حذر سبحانه المؤمنين من مغبة اتخاذ المستهزئين بدين الإسلام من أهل الكتاب أو من غيرهم أولياء، وقرن ذلك بالتقوى ليؤكد أنه لا مساومة ولا مجاملة ولا تساهل مع من يستهزئ بالدين عقيدة وشريعة وتطبيقاً، أحرى أن يتخذ وليا أو صاحبا، إن مصافاة الساخرين من شعائر الإسلام المستهزئين بالصلاة من السفه والحماقة بمكان؛ لأن السخرية من العبادات واتخاذها مادة للتسلي والضحك! لا تكون إلا من خليع سافل لا يعرف ربه، ولا يرقب ما عنده، فأي نفع يرجى من مصادقته وأي فائدة تنتظر من مخالطته؟؟؟ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الَّذِينَ اتَّخَذُواْ دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِّنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ} (آية:57).

- المحور العاشر: تنبيه فقهاء الأمة وعلمائها إلى وجوب الاحتراز من القول بتحريم شيء لم يقم الدليل على تحريمه، والنهي عن استحلال المحرمات؛ ذلك أن التحريم والتحليل من خصائص الله تعالى وحده، ومن المحرمات الخطيرة الاعتداء على حقوق الناس، أو على حقوق الله تعالى في أمره ونهيه، كتناول الخنزير أو الميتة. وهذا النهي عن الاعتداء في سياق العموم يعم جميع جنسه مما كانت عليه الجاهلية من العدوان، ومنه تجاوز حدود المباحات إلى المحظورات، إذ في ما أذن الله فيه من الطيبات والملاذ غنية عن إتيان الخبائث والمحرمات، فلا بد من الوقوف عند حد الأمر والنهي من غير استنكاف في ذلك أو اعتداء {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُحَرِّمُواْ طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللّهُ لَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} (آية:87).

- المحور الحادي عشر: أن من مقتضيات عهد الله تعالى مع عبده المسلم تركه للموبقات، فلا يجوز له أن يعاقر خمرا ولا أن يتعاطى قمارا ولا يزاول ميسرا ولا يعبد أنصاباً ولا يستقسم بزلم، فذلك مقتضى عهد الإيمان بالله تعالى والتصديق برسوله صلى الله عليه وسلم والعمل بشرعه، وحكمة الله تعالى في ذلك بالغة، فكل مسكر يغطي العقل فيفقد الإنسان آدميته، وكل ميسر وقمار ومراهنة تصدٌّ عن ذكر الله وتثمر الغبن وأكل المال بالباطل، وكل تعظيم لنصب بذبح أو غيره يعد عبادة له وتقربًا إليه، الأمر الذي يتنافى مع التوحيد ويؤدي إلى الشرك، كما أن كل استقسام بزلم أو احتظاظ بقدح يفضي إلى الطيرة والاعتياف الذي هو من سمات الجاهلية المنافية للإسلام. فما أحكم هذا الشرع المبارك وما أجل هذا الدين القويم؛ إذ منع كل ما تستقذره النفوس الكريمة، وترفضه العقول السليمة {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (آية:90).

- المحور الثاني عشر: ينبه الله تعالى المؤمنين إلى حالة قد يسبق فيها حرصُهم حذَرَهم وشهوتُهم تقواهم . وهي حالة ابتلاء وتمحيص، يَظهر فيها مدى تمسّكهم بوصايا الله تعالى، إنها تحريمه عليهم الصيد في حالين: حال كون الصائد محرِماً، وحال كون المصيد من صيد الحرم، ولو كان الصائد حلالاً؛ والحكمة في ذلك أنّ الله تعالى عظّم شأن الكعبة من عهد إبراهيم عليه السلام وأمره بأن يتّخذ لها حمى يفيض حرمة وأمانا، فكانت بيت الله وحماه، وبقعته المحترمة بأقصى ما يعدّ حرمة وتعظيماً، وأمناً للخلق يطال كل شيء حتى يشمل الحيوان العائش في حرمه وكنفه، بحيث لا يرى الناس للبيت إلاّ أمنا للعائذ به وبحرمه، وكان في ذلك امتحان وابتلاء نجحت فيه هذه الأمة، وإن فشل قبلها اليهود حين ابتلوا بالصيد البحري يوم السبت، ولم يكن ذلك بدعا من نجاحات هذه الأمة، ولا بدعا من إخفاقات بني إسرائيل. الذين ما فتئت تلك الإخفاقات والرسوبات تتقاذفهم حتى نزع الله منهم الخلافة في الأرض وائتمن عليها هذه الأمة الناجحة. ومكن لها في الأرض ما لم يمكن لأمة قبلها. ما حالفها النجاح في إقامة منهج الله الذي لم يتمثل تمثلاً كاملاً في نظام واقعي يحكم الحياة كلها كما تمثل في خلافتها يوم أن طبقته شريعة وحياة، وعلمت أنها مؤتمنة على هذه الأمانة الضخمة؛ وأنها وصية على البشرية لتقيم فيها منهج الخالق الديان، لكنها أشعرت في الوقت نفسه بعظم المهانة وشدة العقوبة عند استبدال المنهج أو مخالفته أو التخلي عنه {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللّهُ بِشَيْءٍ مِّنَ الصَّيْدِ تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ لِيَعْلَمَ اللّهُ مَن يَخَافُهُ بِالْغَيْبِ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (آية:94).













 

رد مع اقتباس