الموضوع: صفاء القلب...
عرض مشاركة واحدة
#1  
قديم 08-06-2019, 03:07 AM
عطر الزنبق متواجد حالياً
Morocco     Female
Awards Showcase
لوني المفضل White
 رقم العضوية : 1482
 تاريخ التسجيل : 27-05-2018
 فترة الأقامة : 2195 يوم
 أخر زيارة : يوم أمس (11:46 PM)
 العمر : 28
 المشاركات : 100,502 [ + ]
 التقييم : 35940
 معدل التقييم : عطر الزنبق تم تعطيل التقييم
بيانات اضافيه [ + ]
افتراضي صفاء القلب...



يتألق الإنسان بأخلاقه التي تُظهر جمال فطرته وتعكس أروع صورة لما يحمله من كنوز دفينة بأعماق وجوده، خصوصًا عند القيام بتربّية النفس على رقة القلب ونقاء السريرة، ومحاسبة الذات ومُراجعتها يوميًا كما جاء في الكلمات المكنونة «حَاسب نفسك كُل يوم قبل أن تُحاسب» ليتمكن من تقويم أية اعوجاجات، وتغذية النفس بِحُب البشر للإحساس بحلاوة الراحة النفسية التي تأخذنا لعوالم التفاؤل والتسامح وصفاء النفس والوجدان وجُل ما يُنعش الروح والذات. النفس البشرية أمانة ربانية بحاجة لعناية روحانية ومعنوية رقيقة تفوق في أهميتها أي شيء آخر في الحياة، خصوصاً عندما يمر الإنسان بفترات صعبة وظروف قاسية لكثرة المشاكل والصراعات المُنتشرة على كُل الصعد، وتُؤدي إلى غرس الكراهية في النُفوس وتجذرها. نعيش في زمنٍ غريب تزداد فيه سيطرة المصالح الاقتصادية، والنَّفَس المادي، ولُغة المال على العلاقات البشرية بدلاً من القيم والمبادئ والأخلاق والضمير، لدرجة رُؤية من يلتزم بالقوانين والمبادئ الإنسانية والقيم الأخلاقية نفسه عُرضةً للتساؤل والمُحاسبة والنقد والسُخرية أحيانًا. جمال الإنسان بِرُقي أخلاقه وتصرفاته، وتربية القلب والنفس على حب البشر والتسامح والعفو وتمني الخير للآخرين واحترام قراراتهم والمشاركة في أفراحهم وأحزانهم. تربية الذات على العطاء والخير تُعمّق العلاقات الاجتماعية، تنمي أَوَاصِرُ المحبة، وتحمي العلاقات البشرية من الذبول والقطيعة. عندما تختفي القيم والمبادئ التي تشكّل فطرة الإنسان وأصله يبدأ المرء مسيرة الغرق في عالم الضياع اللامُتناهي والانغماس في الشهوات النفسية والأنانية والفجور ونكران الجميل وظلم الآخرين وفقدان الرحمة والتسامح، عندها يصبح الفرد مصدراً للعبث والاضطراب والدمارِ والفساد والإرهاب على هذا المسرح الكوني. الواقع الذي يعيشه العالم هو نتاج لأخلاق مكوناته البشرية قبل كل شيء، كما قال عالم الاجتماع الشهير غوستاف لوبون في كتابه «السنن النفسية لتطور الأمم»، «إذا ما بحثنا في أسباب انهيار الأمم التي تُذكرنا بها كتب تاريخ الفرس والرومان وغيرهما، لوجدنا أن العامل الأساسي لسقوطها كان تغيّر مزاجها النفسي تغيراً نشأ عن انحطاط القيم والأخلاق، ولم نقرأ عن أمةٍ اختفت بفعل قلة ذكائها». نحن اليوم في أمس الحاجة الى تربية الذات لنتمكن من التعود على الاستمتاع بجمال حُسن الخلق والإنسانية والتعامل بالعدل والحق مع الجميع وتحصين الذات من مُلوثات الدنيا، والعمل على تبني القيم والمبادئ التي تدعم تقارب البشر ووحدتهم وتزيد مخزون الثقة بين أفراد المجتمع، والتمسك بكُل ما يُؤدي للم الشمل، وصفاء القلب، بعيداً عن المكائد والفتن التي تخلق الكراهية والأحقاد وتوزيع التهم لمجرد التكهن بالنوايا أو تضخيم وتهويل تنوع الأفكار والأعِراق والأديان الذي هو حق مشروع لكُل إنسان، فصفاء القلب جوهر السلام الداخلي الذي ينعكس على الذات والمجتمع.





رد مع اقتباس